تحذير من إهدار فرص السلام... و"ليفني" غارقة في الأطروحات النظرية إسرائيل ترفع موازنة الدفاع، وتنظيرات "تسيفي ليفني" المنفصلة عن الواقع، وفوضى الحدود مع مصر، وفرص إسرائيل المهدورة لتحقيق السلام، قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. "من أجل موازنة دفاعية أخف": خصصت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم الأحد للحديث عن الموازنة العامة في إسرائيل، وكيف أن رئيس الوزراء "إيهود أولمرت" تراجع يوم السبت الماضي عن تعهداته السابقة بتخفيض حجم الموازنة العامة الإسرائيلية إلى النصف، والحد من الإنفاق على بعض القطاعات التي يأتي في صدارتها الجيش الإسرائيلي. فبرغم تأكيد رئيس الوزراء في وقت سابق عزمه على تخفيض الموازنة بـ 2.1 مليار شيكل، تراجع عن ذلك مقرراً خفض 600 مليون شيكل فقط. وتشير الصحيفة، التي تنتقد نكوص "إيهود أولمرت" عن خططه السابقة، إلى أن الجزء الأكبر من المعارضة جاء من وزراء حزب "العمل" في الحكومة. فقد أصر وزير التعليم العمالي على رفض أي حديث عن تقليص الإنفاق على التعليم، كما عارض "إيهود باراك" وزير الدفاع المساس بموازنة الدفاع. غير أن الصحيفة ترى في هذا الإصرار، لا سيما لدى المؤسسة العسكرية في رفض أي مناقشة لموازنتها انعكاساً واضحاً للنفوذ الذي باتت تتمتع به الصناعة العسكرية في السياسة الإسرائيلية. هذه المؤسسة، حسب الصحيفة، التي لا تتوانى عن إخافة السياسيين من أخطار محتملة لضمان تدفق الأموال. وفي هذا الصدد تشير الصحيفة إلى تصريحات مصدر عسكري كبير، قال بأن أي تقليص لموازنة الدفاع من شأنه المس بتطبيق الدروس المستفادة من حرب لبنان الأخيرة مثل تدريب المجندين وعناصر الاحتياط. والأكثر من ذلك يلجأ بعض المسؤولين العسكريين إلى التحذير من احتمال التصعيد على الجبهة السورية، أو في شمال غزة وهو لضمان الحصول على الأموال. "نمرة من ورق": بهذا العنوان استهلت "أكيفا إلدار"، محللة الشؤون الدبلوماسية بصحيفة "هآرتس" مقالها يوم أمس الثلاثاء عن وزيرة الخارجية الإسرائيلية "تسيفني ليفني" التي، حسب رأيها، لا تمل من الحديث النظري عن تسوية نهائية مع الفلسطينيين في حين أنها عملياً محاطة بإكراهات الواقع السياسي الذي يجعل منها على حد وصف الكاتبة مجرد "نمرة من ورق". وفي هذا الصدد تورد الكاتبة مجموعة من الأمثلة على جرأة وزيرة الخارجية فيما يتعلق بمعارضة سياسات الحكومة مثل رفضها مقولة عدم وجود شريك فلسطيني لأن ذلك من شأنه إضعاف "محمود عباس" وحكومته وتعزيز موقف "حماس" في قطاع غزة، وهو ما يؤخر قيام دولة فلسطينية مستقلة. هذا التأخير- تقول الكاتبة- لا تكف "تسيفني" عن التشديد عليه والمطالبة بالتعجيل في تطبيقه لأنه الضامن الوحيد ليهودية الدولة وديمقراطيتها. ولا تتوقف وزيرة الخارجية أيضاً عن إظهار خشيتها من تمدد "حماس" إلى الضفة الغربية واحتمال تشكيل بؤرة لتنظيم "القاعدة" في غزة تهدد أمن إسرائيل. وأخيراً تشير الكاتبة إلى المقال الذي نشرته "تسيفني ليفني" في صحيفة الشرق الأوسط واعتبرت فيه أن "حزب الله" و"حماس" وإيران هم أعداء مشتركون لإسرائيل والدول المعتدلة في المنطقة، واتهمت تلك القوى بأنها تسعى إلى تحويل صراع قابل للحل سياسياً إلى حرب دينية شاملة. وفي محاضرة ألقتها "ليفني" في القدس أشارت إلى اتفاق أوسلو ونقاط ضعفه، التي حالت دون نجاحه والمتمثلة برأيها في عدم المرور مباشرة إلى قضايا الحل النهائي وإضاعة الوقت في إجراءات عطلت قيام دولة فلسطينية. لكن ما أن تشارك وزيرة الخارجية في الاجتماعات الحكومية حتى تتحول تلك المواقف إلى مجرد كلام نظري يصعب تسويقه. "فوضى الحدود": في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي تطرقت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى ما وصفته بفوضى الحدود مع مصر وما يتسبب فيه ذلك من مشاكل عديدة. فالأمر لم يعد قاصراً، كما تقول الصحيفة، على تسرب الأسلحة والمخدرات التي تستغل المساحة الحدودية الشاسعة، بل امتد إلى تسلل اللاجئين الأفارقة، لا سيما السودانيون الفارون من الاضطرابات التي يشهدها إقليم دارفور. ولأن إسرائيل لا تستطيع فتح أبوابها للاجئين الأفارقة بشكل عشوائي، فإنها تقوم بترحيلهم إلى مصر التي عبروا أراضيها قبل الدخول إلى إسرائيل. هذا الموقف أثار حفيظة المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان مثل "منظمة العفو الدولية" وغيرها فوجهت سهام نقدها إلى السلطات الإسرائيلية لتعاملها القاسي مع هؤلاء اللاجئين. لكن الصحيفة تنتقد بشدة موقف المنظمات الدولية وترى بأنها تتبنى معايير مزدوجة في إطلاق أحكامها، مطالبة في هذا الصدد بضرورة الضغط على السلطات المصرية لتكثيف مراقبة الحدود ومنع تسلل اللاجئين. "بحثاً عن شريك": كتب الجنرال الإسرائيلي "جيورا فورمان"، وأحد مؤسسي مجلس السلام والأمن في إسرائيل مقالاً على صفحات "يديعوت أحرنوت" يوم الاثنين الماضي تطرق فيه إلى العقبات التي تقف أمام السلام، متمثلة في غياب شريك فلسطيني وتدهور الوضع في الأراضي الفلسطينية بعد المواجهات الأخيرة. لكن الكاتب الإسرائيلي لا يقف عند تكرار أطروحات "اليمين" التي تنفي وجود شريك فلسطيني، بل ينفذ إلى جذور المشكلة المتمثلة، حسب رأيه، في إخفاق السياسات الإسرائيلية وإهدارها لفرص السلام السابقة. فقد أضاعت إسرائيل العديد من المبادرات وعجزت عن استغلال الظروف الإقليمية الملائمة لتوقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وهي الفرص التي توالت منذ حرب الستة أيام وصولاً إلى اتفاق أوسلو الذي لم يسفر عن شيء. وبعد إهدارها للفرص والمبادرات تجد إسرائيل نفسها اليوم في وضع إقليمي غير مريح. فمن ناحية تستعد أميركا للانسحاب من العراق، وتتمدد إيران بالقرب من إسرائيل؛ ومن ناحية أخرى أثبت الحل العسكري عجزه عن حسم الموقف وإيجاد الحل كما تبين ذلك في حرب لبنان. لذا ليس غريباً، حسب الكاتب، أن يرفض الفلسطينيون الخضوع للأمر الواقع، أو القبول باتفاق يكرس الحاضر بينما قد يحمل المستقبل شيئاً آخر. وهنا بالذات تكمن خطيئة إسرائيل التي فشلت في انتزاع اتفاق مع الفلسطينيين عندما كانت البيئة الإقليمية تصب في مصلحتها. إعداد: زهير الكساب