يشبه عالَم الغيب محيطاً لجِّياً لا قرار له، ولا شواطئ تحدُّه، أما عالَم الشهادة فيشبه جُزراً طافية صغيرة هنا وهناك في عالم الغيب. والله وصف نفسه بأنه عالِم الغيب والشهادة الكبير المتعال. ومما كشف من عالم الشهادة أمور تجود بها مراكز البحث العلمي، يكاد المرء لا يصدقها، وتكسر كل المسلَّمات المعترف بها عند الأطباء، لولا أن هذه المسلَّمات تكسر من حين لآخر، فنعلم أنها لم تكن مسلمات؛ بل "فرامل" داخل عقولنا تعيق التقدم. ومن هذه الاختراقات النوعية المعرفية، تصورُنا عن الغرق في الماء، فقد عُرف أنه لا يشترط الغرق بدخول الماء إلى الرئتين. ويمكن إدخال دم صناعي إلى الجسم مشحوناً بالأوكسجين المكثف. كما عرف أنه يمكن معالجة سرطان الدم وأمراض شتى سواه بالخلايا الجذعية. وهي خلايا تصنع كل الخلايا، ووجدت في الفترة الأخيرة بين طبقات الشحم! كما يمكن جعل المشلول شللاً رباعياً يعود إلى حياته الطبيعية. ويمكن فصل التوائم الملتصقة بعضها ببعض منذ الولادة، بتقنية جديدة تعتمد الأبعاد الثلاثة في الكمبيوتر. فأما بقاء الإنسان في الماء من دون غرق ورئتاه منقوعتان في الماء، فقد أجروا تجارب على الفئران، حينما أغرقوها؛ فبدأت الرئتان بالتنفس، مع الماء المشحون بالأوكسجين المركز، وهذا يذكرنا بالأسماك وهي تبلع الماء، ولا تبلعه، بل يمر على الخياشيم فتسحب الأوكسجين فتعيش كأنها مثلنا على ظهر اليابسة! وفي "سياتل" طبّق العلماء هذه الطريقة على طفلة امتلأت رئتاها بالعقيق (البراز الطفلي)، فعاشت ورئتاها في الماء مثل الغريق، وبعد ثمانية أيام رجعت للحياة ونظفت الرئتان، وأرضعتها أمها. ويفكر العلماء اليوم في الاستفادة من الدم الصناعي، بواسطة تقنية تكنولوجيا "النانو" Nano technique أي إدخال آلات صغيرة بحجم مجهري، تزود الرئتين بمادة الأوكسجين، فيبقى الإنسان من دون تنفس تحت الماء أربع ساعات مثل سمك القرش والحيتان. أما تقنية الخلايا الجذعية فقد طبقت على الشاب "جيف ستاب" الذي أصيب بسرطان الدم وعمره 26 سنة، قبل أن ينجب؛ فشجعوه على الإنجاب، وأخذوا من مشيمة ابنته المولودة خلايا جذعية لمعالجته بها من سرطان الدم؟! والخلايا الجذعية هي الخلايا التي لم تتميز بعد، ويمكن بقدرة عجيبة، أن تتحول إلى 210 أنواع من أنسجة الجسم، فتخلق سبعين ألف مليار خلية في البدن، وما حوى من كريم الأجهزة. ولذا وجب على كل إنسان ولد، أن يحافظ على مشيمته والحبل السري، والاحتفاظ بهما في الآزوت السائل بدرجة 160 تحت الصفر! واليوم في بريطانيا يوجد أكبر بنك للخلايا الجذعية، يفيد العباد، ويبيع بضاعته بثمن غير بخس. وفي "أريزونا" عمل الطبيب "ريتشارد هيرمان" ومساعده الصيني "جيبنج هي"، شيئاً مذهلاً، حينما استطاعا في مستشفى "السامري" في "فينيكس" أن يمكنا رجلاً مصاباً بشلل رباعي من القيام واقفاً على قدميه، ليمشي 15 خطوة في الدقيقة، ويسبِّح العلي الكبير. وكان ذلك بعد تدريب العضلات، وزرع منظم كهربائي موصول بالنخاع، مثل منظم ضربات القلب الكهربائي، فمشى الرجل يسبّح الله على نعمه. وفي المركز الطبي لسلاح الجو الأميركي في "سان أنتونيو" في تكساس، استطاع فريق طبي من 78 شخصاً، أن يفصل الطفلتين "بثنيوريني" وهما ملتصقتان من الكاحل حتى الصدر، في قطعة واحدة بثلاث سيقان. وكانت الطريقة إدخال معلومات "الديجيتال" إلى مختبر، تصوَّب فيه حزمة ليزرية إلى خزان من "الراتنج"، فيُخرِج هيكلاً ثلاثي الأبعاد. وبموجبه استطاع الجراحون بعملية دامت 28 ساعة، أن يفصلوا الطفلتين تماماً بأربع سيقان؟ وهما الآن طفلتان رشيقتان تلعبان معاً في الحديقة في منزل والدهما!