احتفلت المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة، مؤخراً، بتوقيع اتفاقية إنشاء مدينة أبوظبي الصناعية الثالثة (إيكاد 3) بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ووفقاً لأحدث الأساليب الهندسية المتّبعة في إنجاز البنى التحتية التي تتوافق مع آخر ما وصلت إليه المدن الصناعية في الدول المتقدّمة والدول ذات الخبرة في هذا المضمار. ويأتي تطوير مدينة أبوظبي الصناعية وتوسعتها وإنشاء "إيكاد 3"، تلبية للطلبات المتزايدة للاستثمار في المدن الصناعية في أبوظبي، نظراً لما تتمتع به هذه المدن من بنى تحتية ذات مواصفات عالمية وتسهيلات إدارية ومالية بمفاهيم جديدة تحقق تطلعات المستثمرين. وينتظر أن تحتضن "إيكاد 3" عدداً كبيراً من الصناعات الكيماوية وصناعات البلاستيك ومواد البناء والتشييد والصناعات التقنية المتطورة والصناعات التي تخدم قطاعي النفط والغاز بشكل عام. إن توجّه أبوظبي نحو إنشاء مجمّعات صناعية رئيسية ذات كثافة رأسمالية وتقنية عالية، بالتعاون مع دول صناعية كبرى، يأتي ضمن اعتبار الصناعة أولوية السياسة الاقتصادية لأبوظبي، حيث شهدت السنوات الماضية، قيام الأجهزة المعنيّة بتنفيذ البرامج المتعلقة بالتوسّع الكبير في النشاط الصناعي من خلال إقامة العديد من الصناعات المتطورة في مختلف الأنشطة الصناعية، وتمكّنت إمارة أبوظبي من وضع قاعدة صلبة لانطلاقة كبرى للإنتاج الصناعي يمكن توسيعها وبالتالي زيادة مساهمة هذا القطاع الحيوي في اقتصاد الإمارة، حيث بلغ حجم الاستثمارات الصناعية في إمارة أبوظبي، خلال العام الماضي، أكثر من 38 مليار درهم، ما يمثل 55% تقريباً من مجموع الاستثمارات الصناعية في دولة الإمارات. وفي خضم التغيّرات السريعة في العلاقات التجارية الدولية التي فرضت إعادة هيكلة العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالأخص قطاع الصناعات التحويلية في مختلف بلدان العالم، من خلال تمركز هذه الصناعات حول المزايا النسبية التي تتمتع بها كل دولة على حدة، باعتبار ذلك خط الدفاع الأول في وجه منافسة عالمية مرتقبة على الجبهات كلها، فإن قطاع الصناعة التحويلية في أبوظبي بدأ يتمحور بوضوح حول قطاعي النفط الخام والغاز كأساس للتصنيع، من خلال سياسة اقتصادية قائمة على تصنيع هذين الموردين، وإنشاء صناعات بتروكيمياوية ونفطية جديدة والتوسع في القائم منها بحيث يمكن تصديرها للخارج كمنتجات صناعية، حيث تتمتع أبوظبي بأفضليات نسبية كبيرة في جميع هذه الصناعات، وذلك بفضل وجود المواد الأولية الرخيصة اللازمة لتصنيع هذه المنتجات وتوفر الاستثمارات الكبيرة اللازمة لتطوير هذا القطاع الصناعي المهم، يقابله تراجع كبير في صناعات البتروكيماويات في موطنها الأصلي في الدول الغربية، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وشح توافر المواد الأولية هناك. كما تتمتع أبوظبي بأفضليات إنتاجية وتسويقية مشابهة في صناعات أخرى متعدّدة؛ مثل تلك المتعلقة بقطاع التشييد والبناء والقطاع السياحي والأدوية. إن تغيّراً جوهرياً سيحدث على الساحة العالمية، خلال السنوات القليلة المقبلة، لمصلحة القطاع الصناعي في أبوظبي، حيث يتوقع أن تحدد الأفضليات النسبية الاتجاهات الصناعية، خلال السنوات المقبلة، ما سيتيح لأبوظبي إمكانيات كبيرة للاستفادة من التغيّرات الاقتصادية والتجارية العالمية لتطوير وتنويع قطاع الصناعات التحويلية وبالتالي خدمة الأهداف الرئيسية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.