في غمرة الضرب وانهمار الرصاص وقنابل الغاز المسيلة للدموع والحصار العسكري, نسي زعيم طلبة المسجد الأحمر في باكستان, أن النبي صلى الله عليه وسلم، لعنَ المتشبهين بالنساء من الرجال. وصاحبنا من فرط شجاعته, وشدة بأسه في القتال، لم يجد مفراً من الهرب, وكيف يمكن ذلك ولحيته طولها متر لا يمكن إخفاؤها؟ وجد الحل الإسلامي للهرب من المعركة في اللباس الإسلامي المسمى بالنقاب, ولم يتردد صاحبنا الملتحي لحظة واحدة, ولم يفكر في العار الذي سيلحقه فيما لو كُشِفَ أمره وألقي القبض عليه, فارتدى العباءة النسائية ولبس النقاب على عجل, وخرج من باب النساء, ففي جميع المساجد يوجد باب لدخول النساء, أليس كذلك؟ لكن لأن للنساء أسلوبا خاصا في المشي, وتمايلا لا يحسنه الرجال, فما بالك بأهل اللحى في باكستان حيث تجدهم لم يسمعوا قط بقول النبي صلى الله عليه وسلم: نحن قوم لا نأكل حتى نجوع, وإذا أكلنا لا نشبع, فترى أحدهم وقد بلغ عرض منكبيه من كثرة الأكل ما يعادل خزانة ملابس, وحوله الأتباع الذين بلغت النحافة بمعظمهم, مبلغاً تكاد تصدق معه قول الشاعر المتنبي: كفى بجسمي نحولاً أنني رجل *** لولا مخاطبتي إياك لم ترنِ" ومن فرط غبائه، بسبب كثرة خلط الأكل بالبهار الآسيوي, تكلّل زعيم الطلبة باللباس الشرعي, وحاول الهرب متنقباً, ولكن لا نعلم هل فضحته مشيته, أم أنه لم يتمكن من خداع العسكر بسبب ضخامة جسمه؟ المهم, أن النقاب الإسلامي لم ينفعه بشيء, وتم إلقاء القبض عليه. ومن متابعة الأحداث الإرهابية, نعلم أن نفس الشيء قد حدث عندنا في الكويت أيضاً, وأعتقد أنه حدث في السعودية أيضاً, حيث يحاول زعيم الجماعة عند فشل العملية الإرهابية, الهرب تاركاً أتباعه بين قتيل وجريح وأسير, متستراً بالنقاب والعباءة, ومع ذلك ينتبه رجال العسكر لهذا التنكر, ويتم إلقاء القبض عليهم! واللطيف في الأمر أن الغباء يتكرر في كل مرة, وكأنهم لم يسمعوا بالمثل السائر, من أن التكرار يعلّم الحمار, وهؤلاء لم يتمكنوا بعقولهم من الوصول حتى إلى مستوى عقل الحمار. يعني حتى بالتقليد ليسوا سوى مجموعة من الفاشلين. ماذا نستنتج من هذه الحوادث المضحكة؟ يمكن استنتاج الكثير مما يمكن لهؤلاء الزعماء (الكراتين) الاستفادة منه: 1- أن النقاب والعباءة الإسلامية لا تصلحان كأدوات للهرب. 2- أن النقاب الإسلامي يمكن الاستفادة منه للرجل والمرأة على حد سواء, وبالتالي تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة للمرة الأولى والأخيرة في الجماعات الدينية. 3- أنه على زعماء الجماعات الدينية تخفيف أوزانهم حتى تتلاءم أجسادهم مع العباءة والنقاب حين يقررون الهرب من المواجهة. 4- ضرورة التدريب المسبق, ويمكن تضمين ذلك مع الدورات الإرهابية, لكيفية لبس العباءة والنقاب, والتمشي بهما, حتى لا يفتضح أمرهم عند الهرب. 5- ضرورة تدريس ذلك للعسكريين ضمن الدراسات الاستراتيجية لضمان إلقاء القبض على الزعماء الهاربين. 6- النتيجة الأخيرة: أن لبس النقاب مضر للرجال إذا لم يسبقه تدريب مناسب. بعد هذه الحوادث آمنت أن للنقاب فوائد جمة، لا حرَمَ الله زعماء الجماعات الإرهابية منها... لكن يبدو أن المشكلة في غباء الزعماء وليس في لبس النقاب.