ارتفعت وتيرة الاتهامات الأميركية لإيران بأنها تتدخل في الشؤون العراقية من خلال "قوة القدس" التي تؤجج العنف في العراق، وقد اتهم الجيش الأميركي "قوة القدس" بتسليح وتدريب المتشددين الشيعة في العراق الذين يهاجمون الجنود الأميركيين والعراقيين. وقد أكد الجنرال الأميركي "كيفن بيرغنر"، المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق، أن الاستخبارات الأميركية أكدت أن قيادات كبيرة في إيران على دراية بهذا النشاط، وقد أعلن "بيرغنر" خبر اعتقال أحد عناصر "حزب الله" اللبناني يلقب "علي موسى"، وقد كان يقوم بمهمة تدريب متطرفين عراقيين في البصرة. واتهمت القوات الأميركية "حزب الله" اللبناني بإرسال قيادات حزبية إلى طهران لتدريب قوات "فيلق بدر". إيران من جانبها نفت جميع الاتهامات التي وجهت لها ووصفتها بأنها محض أكاذيب. إشكالية الولايات المتحدة في التعامل مع إيران، لا تتعلق فقط بتسلح إيران النووي، ولا بتزايد النفوذ الإيراني في كل من العراق ولبنان وفلسطين المحتلة... بل ترتبط أساساً بطبيعة الدول والحركات السياسية والأحزاب المتحالفة مع أميركا، فالولايات المتحدة هي الضامن الحقيقي للحكومة العراقية، ولولا الدعم الأميركي لسقط النظام العراقي. المشكلة أن الحكومة العراقية تتحالف بشكل مباشر وغير مباشر مع الأحزاب والحركات السياسية التي تخضع للنفوذ الإيراني، بمعنى أن هذه الأحزاب الموالية لإيران، هي نفسها تشارك في الحكومة العراقية، بل تقودها، وهي حكومة موالية لأميركا! والغريب أن العديد من الأحزاب والميليشيات العراقية موالية لإيران وتملي على الحكومة العراقية شروطها في كيفية التعامل مع الولايات المتحدة، هذه الأحزاب لا تريد الاستقرار في العراق ولا تريد تحقيق الوحدة الوطنية، بل طموحها تحقيق الدولة الإسلامية الشيعية في الجنوب والتعامل مع نظام الملالي في طهران. دول الخليج العربية، معظمها لديها اتفاقيات أمنية مع أميركا، لكن هذه الدول ليست متفقة حول كيفية التعامل مع إيران، رغم أنهم متفقون حول خطر التسلح النووي الإيراني، كما أنهم متخوفون من تزايد النفوذ الإيراني في العراق. دول الخليج، رغم كثافة اجتماعات قادتهم، لم تتوصل إلى آلية وطريقة موحدة لكيفية التعامل مع إيران، وكيفية العمل على الحدّ من تزايد هذا النفوذ في العراق. قادة بلدان الخليج العربية، يقولون إنهم يحبذون الحوار الأميركي-الإيراني، لحل المشاكل المعلقة، سواء في العراق أو في ملف التسلح النووي الإيراني، لكن هذه الدول لا تحدد استراتيجية بديلة في حالة استمرار تزايد النفوذ الإيراني في العراق ورفض القادة الإيرانيين الالتزام بالقرارات الدولية والشرعية الدولية. علينا أن نعترف بأن التعامل مع إيران الإسلامية ليس بالأمر السهل، لأن هنالك أكثر من سياسة وأكثر من توجه، بعضها معلن وبعضها غير معلن. يعرف الجميع أنه يوجد في إيران أكثر من منطقة نفوذ وقوة، لكن الأمر المؤكد أن هنالك أكثر من جهة تعمل لتحقيق مصالح إيران الوطنية بعيداً عن الأيديولوجية الدينية الإسلامية التي يمكن استغلالها لبسط النفوذ في العراق و"حزب الله" في لبنان و"حماس" في فلسطين المحتلة. لا يمكن لإيران -بعيداً عن العراق ولبنان وفلسطين وبعض التنظيمات في الخليج- بسط نفوذها أكثر، فإيران تعاني من عدة مشاكل اقتصادية داخلية؛ كتردي دخل الفرد وتزايد نسب البطالة والمشاكل المتعددة للشباب الذين يشكلون الأغلبية الشعبية والذين يعانون من البطالة والمخدرات وارتفاع نسب الطلاق وغيرها من المشاكل. الحصار الاقتصادي على إيران واحتمال المواجهة مع الولايات المتحدة، يضع إيران ودول المنطقة في موقف حرج، وقد يؤدي إلى كارثة إذا استمرت إيران في سياسة التعنت والمكابرة والاعتقاد بأن في استطاعتها هزيمة "الشيطان الأكبر"!