قطعت الخدمات الصحية في الإمارات شوطاً كبيراً من الإنجازات خلال الحقبة السابقة، حيث تمكنت الدولة من تحقيق تصنيف متقدم جداً في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، بينما ارتفع متوسط العمر المتوقع للفرد في الدولة إلى 81 عاماً، وهو المعدل الأكبر في الشرق الأوسط. إن التطورات التي شهدها قطاع الخدمات الصحية بالدولة مؤخراً، خاصة بأبوظبي، تضع هذا القطاع على عتبة انطلاقة جديدة تواكب حركة التطور الكبيرة التي تشهدها الإمارة في الأنشطة والمجالات كافة، من ضمنها القطاع الصحي، الذي يشهد حالياً تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى، ما يمهد لمرحلة جديدة أكثر تقدماً وتطوراً في توفير الخدمات الطبية والعلاجية بفلسفة العصر الذي يركز على الكيف قبل الكم. في هذا الاتجاه، تأتي الاتفاقية التي وقّعتها "هيئة الصحة بأبوظبي" مؤخراً مع المستشفى الأميركي في تايلاند "شركة بومرنجراد" لإدارة "مستشفى المفرق" والعيادات التابعة له، والذي يزوره سنوياً نحو 310 آلاف مريض منهم 25 ألف نزيل، في خطوة مهمة لتزويد شعب الإمارات بنظام صحي متقدم وفق معايير الجودة والرعاية الدولية لإرضاء المرضى. وبهذا الخصوص، أكد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن "جذب أفضل مؤسسات الرعاية الصحية في العالم لإمارة أبوظبي، هو جزء حيوي من السياسة الصحية للحكومة، يضمن إدارة عالية المستوى والجودة للمنشآت الصحية لتقديم أفضل الخدمات الصحية دون الحاجة للسفر إلى الخارج"، حيث تنفق دولة الإمارات بصفة عامة مبالغ طائلة على المرضى ومرافقيهم الذين يتلقون علاجاً في الخارج، بدءاً من تذاكر السفر وتكاليف الإقامة والعلاج، حيث تشير تقديرات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، إلى أن الإمارات تنفق سنوياً نحو ملياري دولار على العلاج بالخارج، إضافة لما ينفق من تكاليف سفر علاجية سنوية من قبل الأفراد أنفسهم. إن اتخاذ إجراءات جادة تجاه السير نحو التنمية الصحية بالدولة، وذلك بإنشاء المستشفيات والمصحّات العلاجية المجهزة بأحدث الأجهزة الفنية والطبية، وإمدادها بالمستشارين المتخصصين المَهَرة، لاشك في أنه يغني عن تحمّل تبعات العلاج في الخارج بأبعادها المادية وغير المادية فحسب، ولكنه في الوقت نفسه يفتح أمام الإمارات آفاقاً اقتصادية وصحية وسياحية جديدة لاستقطاب أكبر عدد من طالبي السياحة العلاجية بالخليج والشرق الأوسط، حيث تشير تقديرات الجهات العالمية المتخصصة، إلى أن تكاليف قطاع الرعاية الصحية في الدول الخليجية ستتضاعف خمس مرات لتصل إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2025. إن النهج السليم الذي تتبنّاه الإمارات، اليوم، والمتمثل بتطوير القطاع الصحي، واستقطاب أرقى المؤسسات الطبية بالعالم إلى داخل الدولة، وإنشاء المدن والمنتجعات الصحية المتخصصة، بالإضافة إلى العديد من المقومات الأخرى التي تمتلكها الإمارات في هذا الخصوص، كل ذلك يسارع من خطى الدولة باتجاه تشكيل وجهة سياحية مفضلة للكثير من الباحثين عن السياحة والعلاج، والاستفادة من الطفرة الكبيرة التي تشهدها السياحة العلاجية في العالم، حيث تقدر عوائدها السنوية بنحو 56 مليار دولار. فالسياحة العلاجية أو الصناعة العلاجية تشهد اليوم انتشاراً واسعاً أكثر من ذي قبل، كما أصبحت رهاناً جديداً يخوض مضماره العديد من الفاعلين في القطاعين السياحي والصحي، حيث تسعى العديد من دول المنطقة لتنشيط هذا النوع من السياحة لتعويض النقص في السياحة التقليدية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية