بدا واضحاً أن أبوظبي تنطلق باتجاه تنمية القطاع السياحي كأحد المرتكزات الأساسية للتنمية الاقتصادية المتكاملة، من خلال رؤية استراتيجية تبدو معالمها أكثر وضوحاً مع الوقت، ولعل حجم وطبيعة المشروعات السياحية التي يجري تنفيذها والقوانين المنظمة لهذا القطاع الحيوي، ترسم بدقة ملامح وأبعاد هذه الاستراتيجية على المديين المتوسط والبعيد، التي تهدف إلى إنشاء قطاع سياحي غير تقليدي يركز على الكيف أكثر من تركيزه على الكمّ، ويركز على نوعية السياح الذين ترغب الإمارة في استضافتهم على أراضيها، أكثر من تركيزه على الأعداد المطلقة للسياح، وفي الوقت نفسه عدم إغفال المردود المادي المتوقع لهذا القطاع. هذه الطفرة السياحية الكبرى التي تشهدها أبوظبي -ومنذ ثلاثة أعوام- تقودها "هيئة أبوظبي للسياحة"، عبر أنشطتها الملحوظة بالمشاركات المحلية والإقليمية والخارجية، وتسويق أبوظبي كوجهة سياحية وتطوير وتنظيم المنتج السياحي بالإمارة. وبوجود هذه الهيئة أخذت عناصر المنتج السياحي بأبوظبي تتكامل شيئاً فشيئاً ضمن إطار عمل مؤسساتي متكامل، بدأ يعطي ثماره مبكراً، إذ إن أي عمل جماعي مشترك، خاصة في المجال السياحي، يبقى أجدى من العمل الفردي مهما بلغ من شأن. وتؤدي الهيئة اليوم دوراً رئيسياً في تضافر الجهود للتسويق الدولي للإمارة، من خلال التنسيق المباشر مع المؤسسات الفندقية والشركات السياحية وخطوط الطيران والجهات ذات الصلة من القطاعين العام والخاص. وخلال الفترة القصيرة الماضية من عمرها، سجلت الهيئة حضوراً قوياً في عدد من أشهَر معارض وأسواق السفر الدولية، التي تمثل ملتقيات وأسواقاً مهمة تشارك فيها العديد من الجهات المهتمة بصناعة السياحة، وتستقطب وكالات السفر والشركات المتخصصة من مختلف دول العالم. وفي هذا المضمار نفسه تتواصل هذه الأيام الجولة الترويجية التي تنظمها "هيئة أبوظبي للسياحة"، في الدول الخليجية، بمشاركة من العديد من الجهات السياحية الرئيسية في إمارة أبوظبي، وذلك كجزء من خطط الهيئة التسويقية بالمنطقة لتدعيم القطاع السياحي، حيث تهدف هذه الجولة الخليجية الأولى للهيئة إلى توثيق العلاقات مع قطاع السياحة والإعلام بالدول الخليجية، بالإضافة إلى تعزيز مكانة أبوظبي كوجهة سياحية مهمة ومنافسة. فالدول الخليجية تشكل أحد أسواق النمو الرئيسية للسياحة العالمية، حيث تطمح مؤسسات الترويج السياحي الوطنية من مختلف أنحاء العالم إلى استقطاب المزيد من السياح الخليجيين والذين يتميزون بمعدلات إنفاق عالية، حيث تسهم الدول الخليجية بنحو 27 مليار دولار سنوياً في إجمالي الإنفاق العالمي على السياحة والعطلات. إن الترويج السياحي يمثل عنصراً حاسماً في نجاح جهود السياحة المحلية، حيث لا فائدة من الجهود الجبارة والتسهيلات الضخمة المتوافرة للسياح والسياحة محلياً، إذا لم يتم الترويج لها بشكل جيد ومتخصص. وفي هذا المضمار، ينتظر "هيئة أبوظبي للسياحة" مواصلة الجهود لتحسين المقدرة التنافسية للسياحة، وتكثيف الحملات الإعلامية لتنمية السياحة الداخلية، وهما شرطان ضروريان لجذب العائلات المحلية والخليجية إلى السياحة الداخلية. وتكمن مشكلة تلهّف المواطنين والمقيمين للسياحة الخارجية، في عدم المقدرة على ابتكار أساليب لجذبهم للسياحة الداخلية، فطرق الترويج وأساليب تقديم خدمات للسياح هي مكمن الخلل، وابتكار أدوات تنظيمية جيدة وجديدة لجذب السياح خير وسيلة لإصلاح هذا الخلل، فالسائح يحتاج إلى تهيئة المناخ من خلال تكثيف الحملات الإعلانية، ومن خلال تقديم عروض تنافسية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.