في ظلّ تسارع عالمي نحو السبق في شتى الميادين، تبرز الحاجة إلى أن تتحدد خطط التعليم مع متطلبات التنمية، حيث يعيش العالم حالياً في قرن تحكمه قوة المعرفة وليس فقط ما تمتلكه الدول من تكنولوجيا وتقنية معلومات، وهذا ما فطنت إليه الدول المتقدمة ومؤسساتها حينما رصدت جزءاً كبيراً من استثماراتها للتعليم والتدريب والبحث والتطوير. فلم يكن وصول هذه الدول الى هذه المرتبة إلا انعكاساً واضحاً لاستثمارها في البشر، فقد نجحت مبكراً في تأسيس نظم تعليمية قوية ساعدتها على تلبية الحاجة من قوة العمل الماهرة، كما تسهم هذه النظم اليوم بفعالية في عملية التحوّل الاقتصادي من القطاعات التقليدية إلى القطاعات الحديثة، حيث يوظف التعليم اليوم كأداة حاسمة لتحقيق التقدم في مرحلة الاقتصاد المعرفي. ففي هذا العصر ينمو اتجاه يرسخ مفهوم أن (رأس المال الفكري هو أهم مقومات نجاح الأمم في الغد). من هذا المنطلق، يحظى الاهتمام بتطوير محتوى النظام التعليمي باهتمام خاص ضمن التحوّلات التنموية الكبرى التي تشهدها أبوظبي في أكثر من مضمار حالياً. إن "مجلس أبوظبي للتعليم" رغم تاريخه القصير، فقد حقق إنجازات نوعية غير مسبوقة في الارتقاء بالعملية التعليمية والانفتاح على العالم والأخذ بأفضل ما عنده من أفكار وممارسات، من خلال تأسيس الشراكات وعلاقات التعاون مع الهيئات والمؤسسات العالمية المرموقة، باعتبار أن التعليم هو مفتاح تشكيل المستقبل، وبه تتم المحافظة على مسيرة التنمية بمفهومها الشامل، ومن خلاله يتم التعامل بكفاءة مع المعطيات كافة، بينما يشكل الطالب ضمن هذا الاهتمام المحور الرئيسي لعملية التحديث التربوي والأكاديمي، إذ لا بد من النهوض بمستوى الطالب حتى يتمكن من مسايرة ركب التقدم العلمي والتكنولوجي، المتسارع في اتجاهات عدة، والمتعمق باستمرار في محاور وآليات التنمية بجميع أوجهها. إلا أن تنمية وتطوير مستوى الطالب باعتباره المحور الرئيسي لعملية التحديث، هي عملية مستمرة ومتجددة أيضاً، فهي لا تسير بوتيرة واحدة، وإنما تشكل كماً وكيفاً ومضموناً، وفقاً لمتطلبات كل مرحلة على حدة، ما يتطلب اتصالا وثيقا بالعالم المتقدم والاستفادة من تجاربه الناجحة في هذا المجال. إن خلق بيئة وبنية تحتية تعليمية محورها الرئيسي (الطالب)، هو عنصر أساسي في تحقيق الغرض المنشود من عملية التطوير التي تريد لها تحقيق نقلة نوعية في تطبيق أساليب ووسائل التعليم الحديث. وهذا ما يجسده بوضوح القرار الذي أصدره، أول من أمس، الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس "مجلس أبوظبي للتعليم" بخصوص ابتعاث 300 طالب وطالبة من المتميزين بالصفين العاشر والحادي عشر إلى كندا وأستراليا لمدة ستة أسابيع، بهدف استثمار أوقات فراغهم خلال العطلة الصيفية، وصقل مهاراتهم وخبراتهم في اللغة الإنجليزية وتكنولوجيا المعلومات، والتعرّف إلى حضارات وثقافات الشعوب الأخرى، واكتساب مهارات القيادة، والاعتماد على الذات، وتنظيم الوقت، بما يهيئهم لاستكمال مسيرتهم التعليمية وحياتهم العملية بنجاح. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية