الاقتتال الفلسطيني "هزيمة" للسياسات الأميركية... وحرائق الشرق الأوسط صفعة للديمقراطية أصداء الاقتتال الفلسطيني- الفلسطيني في غزة، ونتائج عكسية لدعم الديمقراطية في الشرق الأوسط، ودعوة للإصغاء لتصريحات بوتين، ومجلس الشيوخ بصدد قانون جديد للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية سريعة على الصحافة الأميركية. "الفلسطينيون في حرب": هكذا عنونت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم أمس الجمعة، مشيرة إلى أنه خلال اليومين الماضيين، استولى مسلحو "حماس" على قطاع غزة، وهو تطور تراه الصحيفة هزيمة للفلسطينيين والإسرائيليين والسياسة الأميركية. "فتح" قبلت بوجود إسرائيل وترغب في التفاوض على تدشين الدولة الفلسطينية، وقبلت أيضاً بالاتفاقات المبرمة سابقاً مع الإسرائيليين بما فيها اتفاقيات وقف الإرهاب. أما "حماس"، فلم تقبل بأي من هذه الاتفاقيات، بل ترى أنه لا يوجد تناقض بين أفعالها الإرهابية ومطالبها بأن تتم معاملة مسؤوليها الرسميين في الحكومة الفلسطينية كنظرائهم في أية حكومة أخرى. الصحيفة ترى أنه منذ فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية الأخيرة، والرئيس بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، يبذلان كل ما في وسعهما لعزل "حماس"، وتقديم العون لأهم ما تبقى من قيادات "فتح" وهو الرئيس محمود عباس. لكن بعد 17 شهر من فوز "حماس" في الانتخابات، أصبحت الحركة أكثر قوة من "فتح"، وفي ظل التوترات التي شهدتها حكومة الوحدة الوطنية، أصبح الصراع الفلسطيني على السلطة مرشحاً للاستمرار وبشكل مكثف. يوم أول من أمس الخميس، دعا الرئيس محمود عباس إلى انتخابات جديدة، وأقال إسماعيل هنية من رئاسة الوزراء. وفي ظل هكذا مشهد، يتعين على واشنطن وتل أبيب ممارسة نفوذهما للسيطرة على هذا الوضع الخطير، فعليهما تطوير سياسات ومقاربات جديدة للفلسطينيين، مما يعني تقديم المزيد من الدعم للرئيس الفلسطيني وتخفيف معاناة الفلسطينيين البسطاء، ووقف بناء أو توسعة المستوطنات، وتخفيف القيود على حركة الفلسطينيين داخل الضفة الغربية، وتسليم الرئاسة الفلسطينية عائدات الضرائب التي لا تزال بحوزة الإسرائيليين. نتائج عكسية جراء تعزيز الديمقراطية: هذا هو الاستنتاج الذي توصلت إليه "لوس أنجلوس تايمز" في افتتاحيتها يوم أمس الجمعة، والتي عنونتها بالتساؤل التالي: "هل يسفر تعزيز الديمقراطية عن نتائج عكسية؟". الصحيفة ترى أن الانتخابات الحرة في غزة ولبنان والعراق، لم توقف الحرب الأهلية، لكن هذا لا يعني التشكيك في الديمقراطية. الشرق الأوسط بات مشتعلاً بدءاً من العراق مروراً بلبنان وانتهاء بقطاع غزة، وهو ما جعل كثيرين في الشارع العربي يشككون في جدوى الديمقراطية، لكن هذا غير صحيح. يُقال عادة إن الانتخابات الحرة إذا أجريت غداً، فإن "الإسلاميين" سيصلون إلى السلطة في الشرق الأوسط، لأنهم منظمون ويقاومون الفساد، ولأن الحكومات تقمع المعارضة العلمانية الديمقراطية، فيما يواصل "الإسلاميون" بث رسائلهم عبر المساجد وفي الخفاء. ومن ثم لا يجب التساهل مع السياسات التي تنتهجها هذه الحكومات. إن استراتيجية الرئيس بوش الخاصة بدعم الديمقراطية تتعرض الآن لتساؤل مُلح وغير مريح في آن، ألا وهو ما الذي يتعين على واشنطن فعله، عندما تسفر الانتخابات عن صعود قادة يكرهون أميركا، أو عندما تأتي الانتخابات بأناس تكرههم أميركا. الصحيفة ترى أنه على واشنطن، أولاً، التحلي بالصبر علماً بأن ذلك ليس سمة تقليدية للولايات المتحدة، لكن يجب أن تتذكر واشنطن أن سياستها الخارجية كالدواء أحياناً يسفر عن آثار جانبية سيئة. فلا يجب أن نتوقع من الانتخابات أن تداوي الجسد السياسي الفلسطيني المسموم منذ أربعة عقود من الاحتلال والمعاناة، الانتخابات لم تمنع اغتيال السياسيين اللبنانيين. ثانياً على واشنطن التأكيد بأن مجرد كون الحكومة منتخبة لا يعني أنها شرعية، فالدول المتحضرة تحكم على بعضها بعضاً بمعايير أخرى كحكم القانون والتعددية السياسية وضمان حقوق الأقليات وحرية التعبير. إن دعم واشنطن للقيم الديمقراطية لا يعني أنها مضطرة للاعتراف بحكومات "نازية" منتخبة. "الإصغاء إلى بوتين": تحت هذا العنوان، خصصت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، لمطالبة الرئيس بوش بالقيام بما هو أكثر من مجرد الرد الشفهي على اقتراحات فلاديمير بوتين الخاصة بنشر الدرع الصاروخي في أذربيجان. وحسب الصحيفة، ثمة مئات الأسباب التي تدعو إلى كره "بوتين" وعدم الثقة فيه، لكن أهمها الثلاثة التالية: قمعه الداخلي، وقلقه المرضي من نوايا الغرب، ومحاولته إعادة بسط نفوذه على جيرانه بطرق غير لطيفة. غير أنه لدى روسيا أيضاً مئات الطرق لكبح الطموحات الأميركية، كما أنها تزداد غنى وقوة بينما تنهمك الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وقضايا عالمية أخرى. محاولات واشنطن نشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، أججت حالة عدم الثقة الروسية في واشنطن، وحذر مراقبون من أن تعزز روسيا تقاربها مع الصين وتوسع من عضوية "منظمة شنغهاي للتعاون" لتشمل إيران، وتتضمن اتفاقات أمنية، وهو تطور سيكون حال وقوعه خطوة نحو حرب باردة جديدة. الرئيس بوش أقدم الأسبوع الماضي على خطوة جيدة، عندما تعهد بوضع اقتراحات بوتين في الاعتبار، علماً بأن هذه الاقتراحات قد تكون خدعة روسية هدفها تفكيك عرى التحالف بين الولايات المتحدة وحلفائها البولنديين والتشيك. لكن بغض النظر عن جدوى الاقتراح الروسي، فإنه يفتح الباب أمام فرص للتعاون البناء بين موسكو وواشنطن، لاسيما وأن الدرع الصاروخية الأميركية لم تدخل حيز التنفيذ بعد، ولا أحد يعرف متى سيتم تشغيلها، كما أن الصواريخ النووية الإيرانية التي يقول الأميركيون إن درعهم سيتصدى لها، غير موجودة الآن، ولا يعرف أحد متى تظهر. مجلس الشيوخ وقانون الطاقة: في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، رأت "الواشنطن بوست" أن امتناع الرئيس بوش والكونجرس"الجمهوري"، طوال السنوات الست الماضية، عن تقديم أي خطوة لحل مشكلة الاحتباس الحراري العالمي، يجعل مناقشة هذه المشكلة في الولايات المتحدة تحظى بترحيب كبير. الرئيس بوش وافق خلال القمة الأخيرة لمجموعة الثماني الصناعية على إجراء محادثات دولية حول هذه المشكلة، كما أن مجلس الشيوخ الأميركي يناقش الآن قانوناً جديداً للطاقة الهدف منه الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. لكن ثمة مشكلة في هذا القانون،ألا وهي أن القانون يتكون من 277 صفحة، ولا يشمل أية حوافز للحد من هذه الانبعاثات. وحسب الصحيفة بمقتضى القانون سيتم بحلول عام 2015 تخفيض استهلاك النفط بنسبة 20%، وسيدفع القانون نحو استهلاك 36 مليار جالون من الوقود المستخرج من مصادر طاقة متجددة بحلول عام 2022، على أن يتم الاعتماد على مصادر نباتية أخرى غير الذرة كالأعشاب إضافة إلى المخلفات الحيوانية. ومن المفيد جداً أن تبذل الشركات المصنعة للسيارات جهداً في إنتاج مركبات ذات كفاءة اقتصادية عالية في استهلاك الوقود أي بمعدل 35 ميلاً للجالون الواحد من البنزين. وحسب الصحيفة على الكونجرس التحلي بالشجاعة وأن يضع ضريبة للكربون، وأن يترك قوى السوق كي تحدد أفضل الطرق لتخفيض الانبعاثات الملوثة للبيئة، وإذا تحقق ذلك، فإن أميركا، أكبر بلدان العالم إنتاجاً لغاز ثاني أكسد الكربون، ستكون قد بدأت القياد بدورها في المعركة العالمية لمواجهة الاحتباس الحراري. إعداد: طه حسيب