اتصل السيد نبيه بري بوزير خارجية إيران طالباً منه التدخل لوقف النزيف اللبناني. كمال جنبلاط أعلن عن اتهامه لدولة قطر بضلوعها في تفجير الوضع, وفي مقابلة تلفزيونية أعلن وزير الأعلام اللبناني موقفه الشاجب لدعم قطر لسوريا؛ مستغرباً من تناقض الأدوار؛ فقطر, كما قال, لديها أكبر قاعدة أميركية, وتربطها علاقات وثيقة بدولة إسرائيل, وهي بكل تأكيد حالة مستغربة, ربما نجد الإجابة عليها لدى الحليف الأميركي! إيران ضالعة في العراق, وهي متهمة بتأجيج الوضع هناك, ولها كذلك خلايا تمكنها من التدخل في الشأن اللبناني. إيران حليف لسوريا, وسوريا لا تريد أن تتحول المحكمة الدولية إلى اتهام ضدها, وربما تسعى إلى تأزيم الحالة اللبنانية! إيران تخوض مواجهة مع المجتمع الدولي, وتصر على الاستمرار في برنامجها النووي, وهي غير عابئة بالتهديدات الأميركية. إيران دخلت في مواجهة مع دول منطقة الخليج من خلال اللعب بالساحة العراقية, وهي أيضاً تستخدم أوراقها لمزيد من الضغط على دول الخليج لمنعها من التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية. دول مجلس التعاون منقسمة على نفسها بين محورين كلاهما حليف للولايات المتحدة الأميركية, لكن لا يعقل أن تستمر مشاكسة البعض دون رضا الحليف الأميركي. ويبدو أن بقية الأعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي غير قادرين على تقريب وجهات النظر بين دولتين على الأقل. لبنان يشتعل بفعل قوى خارجية, ويدفع اللبنانيون ثمن خلافات لا شأن لهم بها. ومن الواضح أن حل الأزمة اللبنانية ليس بيد أهل لبنان, وهنا تكمن المصيبة, حيث تعجز القوى المحلية عن الوصول إلى صيغة توافقية, ومن ثم لا تجد أمامها سوى استجداء هذا وذاك لوقف النزيف اللبناني... هذا وذاك لهم مصالحهم, وهم غير عابئين بالمصلحة الوطنية اللبنانية, لكن الساسة لا يهمهم المواطن اللبناني, فمصالح أولئك الساسة ارتبطت بقوى خارجية. كيف للبنان أن يخرج من أزمته؟ الولايات المتحدة الأميركية لا يهمها اغتيال رفيق الحريري، بقدر ما يهمها تحقيق مصالحها في المنطقة, فورقة الشهيد الحريري رابحة، وهي المدخل لضبط الوضع اللبناني. سارعت أميركا بإرسال معدات عسكرية لتعين الجيش اللبناني في حربه مع "فتح الإسلام", حرصاً منها على تشديد المواجهة مع الإرهاب وتدعيم حكومة السنيورة. بالله عليكم كيف نحل هذه الإلغاز؟ وكيف نفك رموز ما يحدث على الساحة اللبنانية؟ ربما تبادل المصالح هو ما يفك اللغز, لكن لا نعرف إلى أي درجة ساسة لبنان يعرفون مصالحهم, فهم إن كانوا يدركون خطورة اللعبة, ويخوضونها لتحقيق مصالح لبنان, فلا بأس, لكن خوفنا هو من أن يكونوا يجرون وراء السراب, وينتهي بهم المطاف ليضاعفوا خسارتهم. نحن نقول لأشقائنا في لبنان إن عليكم الاحتكام لمصالح لبنان, وعليكم أن تتعلموا من دروس التاريخ, وأن لا تعيدوا أخطاء الماضي, فأشقاؤكم العرب لم يتعلموا الدرس, وحليفنا الأميركي الكبير مايزال يمارس دوره الذي اعتدنا عليه, فهو يحرك اللعبة كما يريد, ويترك حلفاءه ليسيروا وراء السراب, فكل واحد فيهم يعتقد أنه الأقرب وهو الذي سيحوز على جائزة الحرب على الإرهاب. أما لبنان فهو الخاسر في هذه اللعبة، مهما كانت المغريات, ولعلي بساسته يصحون من نومهم, ويضعون مصلحة اللبنانيين فوق كل اعتبار...