فيما وضعت إمارة أبوظبي استراتيجية متكاملة لاستخدام الغاز الطبيعي كوقود بديل للمركبات، بحيث يتم تحويل 20% من مركبات القطاعات الأكثر تلويثاً للبيئة في الإمارة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط كوقود بديل للبنزين ابتداءً من العام المقبل، وبشكل متدرّج، في إطار توجّه أكبر يهدف في المدى البعيد إلى إحلال الغاز محلّ أشكال الوقود الأخرى للأغراض الصناعية والتجارية والسكنية، بالإضافة إلى أغراض النقل بصفة عامة، أعلنت دبي من جانبها، مؤخراً، اعتزامها تعزيز الجانب البيئي في قطاع النقل العام في الإمارة عبر تحويل أسطول سيارات الأجرة بشكل تدريجي إلى سيارات "خضراء" صديقة للبيئة، تعمل بمحرك يعتمد على الطاقة الكهربائية إلى جانب الوقود ما يخفّف من الملوثات التي تنبعث عادة من المركبات ذات المحركات التقليدية ويسهم في حماية البيئة والصحة العامة، في تجربة هي الأولى من نوعها في المنطقة، رغم أن السيارات الصديقة للبيئة تعتبر من أبرز وسائل النقل الحديثة الآخذة في الانتشار على مستوى العالم، خاصة في الدول الصناعية الكبرى، التي بدأت تتوجّه بقوة نحو هذا النوع من الطاقة، استعداداً لحقبة النضوب التدريجي للنفط، التي يتوقع أن تبدأ عام 2030، ما يتطلّب تغيّراً جذرياً في سياسات الطاقة العالمية. تأتي هذه المبادرات بهدف استثمار بدائل الطاقة الأنظف والأكثر أمناً، خاصة في قطاع المواصلات الذي يستهلك حالياً نحو 40% من إنتاج العالم من النفط، بهدف دعم جهود حماية البيئة ودعم الاقتصاد ومواكبة التحوّل نحو التنمية المستدامة، بعد أن أصبح الاهتمام بالبيئة أحد أركان هذه التنمية ويتحدّد الهدف الاستراتيجي لذلك المكوّن في تحقيق وتفعيل مفهوم التنمية المتواصلة من خلال إدماج المعايير البيئية في السياسات والبرامج والخطط والمشروعات التنموية. فالغاز الطبيعي والكهرباء أكثر ملاءمة للبيئة من النفط، وهما بذلك أكثر جاذبية للدول التي تسعى إلى تقليل كميات انبعاث الغازات الضارة وبما يتوافق مع معاهدة "كيوتو"، حيث أصبحت قضية حماية البيئة من القضايا الاستراتيجية المهمة التي يضعها المجتمع الدولي في مقدمة أولوياته لما لها من تأثير على مختلف جوانب الحياة في الحاضر والمستقبل، كما أن هذه المصادر البديلة للطاقة تعد من أرخص أنواع الوقود ولديها كفاءة عالية في الاحتراق دون إفراز نواتج صلبة كما تساعد على رفع كفاءة تشغيل محركات السيارات، وزيادة عمر المحرك بفضل خفض تآكل جدران الاسطوانات وقلة المواد التي تتولد من عملية احتراق الوقود، وغيرها من المميزات الأخرى. رغم أن مثل هذه المبادرات الرائدة والتحولات المهمة التي تشهدها دولة الإمارات تأتي في إطار الجهود المبذولة لاستخدام بدائل الطاقة الأنظف والأكثر أمناً، وحرصها على دعم جهود حماية البيئة، وتحقيق التوازن بين ما تنشده من نهضة اقتصادية واجتماعية، وبين الحفاظ على موروثاتها الثقافية والاجتماعية والبيئية، فإن الارتقاء بنظام النقل إلى المستويات والتوجهات الرائدة والآخذة بالانتشار عالمياً سيعزز موقع الدولة ويضعها في مصافِّ الدول المتقدمة التي تخطو خطوات جبارة في طريق التنمية المستدامة، يؤكد أن التزام الإمارات بحماية البيئة ليس اهتماماً سطحياً، وإنما توجه تنموي حقيقي، حيث تشير التوقعات إلى أنه بمنتصف هذا القرن ستعتمد نصف الطاقة المطلوبة في الإمارات على مصادر الطاقة المتجددة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية