رغم مضي أكثر من ربع قرن على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، ورغم كثافة الاجتماعات التي يعقدها وزراء الدفاع والداخلية في دول الخليج والخاصة بالأمن الداخلي والخارجي، ورغم تضخم ميزانيات الدفاع في دول المجلس، إلا أن المخاوف المُرة التي نواجهها اليوم والخاصة باحتمال نشوب تصعيد بين الولايات المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية أصبحت مخاوف واردة من وجهة نظر البعض، حيث ازداد عدد السفن وناقلات الطائرات الحربية في الخليج. حماية المنطقة عسكرياً من أي اعتداء محتمل على دولها بيد الولايات المتحدة الأميركية التي تهمها مصالحها في الخليج، وترتبط باتفاقيات أمنية وعسكرية مع كل دول المنطقة. والتساؤل الذي نود طرحه على المسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي: ما هي السياسات التنسيقية بين دول المجلس والخاصة باتخاذ إجراءات وقائية لحماية المواطنين والمقيمين في حالة نشوب حرب؟ وماذا ستفعل دول المنطقة في حالة قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز؟ وهل هنالك بدائل لتصدير النفط مثلا بعيداً عن طريق هرمز؟ وماذا عن نقل البضائع من الخليج إلى البحر الأحمر وبعدها البحر الأبيض؟ حسب معرفتنا المتواضعة لا توجد سياسات خليجية موحدة لمواجهة تبعات ما قد يحدث في حالة نشوب حرب... ففي الكويت مثلاً وبضغط من مجلس الأمة الكويتي عرضت الحكومة تفاصيل خطة الطوارئ تحسباً لأي تصعيد أميركي ضد إيران، وأعلنت الحكومة عن تأمين المنشآت والمخزون الغذائي استباقاً لحرب مُحتملة... ربما هنالك خطوات اتخذتها دول المجلس الأخرى تحسباً لأسوأ الاحتمالات... لكن يبقى تساؤلنا: هل هنالك سياسات خليجية موحدة لمواجهة الأزمة في حالة إغلاق مضيق هرمز؟ نحن نعي تماماً أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية ودول آسيا خصوصاً الصين والهند لن تقبل بإغلاق المضيق، لأن كل أو معظم دول العالم تعتمد على النفط في الخليج، ولن تسمح هذه الدول بإغلاق المضيق... إذن أية محاولة مُحتملة من طرف إيران لإغلاق المضيق تعني مواجهة معظم دول العالم، وقد لا ترتفع أصوات كثيرة لمعارضة تصعيد ضد إيران، في حالة نشوب الحرب وإغلاق المضيق. ماذا عن أوضاعنا الداخلية، فالحديث في الكويت ودول المجلس عن الاستعدادات للطوارئ يحتاج إلى تدقيق، فحسب معرفتي المتواضعة لا توجد في الكويت ولا دول مجلس التعاون الخليجي مخابئ بشرية تصلح ضد الحرب... فما هو موجود حالياً هي مواقف للسيارات قد تتحول إلى مخابئ للبشر في حالة نشوب حرب. عندما يتحدث المسؤولون عن أن الخدمات ستتوفر من ماء وكهرباء وغذاء وغيره... نود أن نسأل: ماذا سيحدث في حالة هروب ونزوح المقيمين العرب والأجانب من الكويت إلى بلدان عربية أو أجنبية تخوفاً من الحرب مثل ما حدث في عام 1990 إبان الغزو العراقي للكويت؟ خطة الطوارئ الكويتية تتكلم عن احتمال نزوح مهاجرين من العراق أو إيران إلى الكويت... لكن ماذا لو حدث العكس، من سيدير الخدمات في بلداننا إذا تركت العمالة الأجنبية بلداننا؟ منذ أكثر من 30 عاماً ودول الخليج العربية تتحدث عن تأهيل العمالة الوطنية لتحل محل العمالة الأجنبية، لكن اعتمادنا على العمالة الأجنبية ازداد بشكل كبير. هل تحتاج دول الخليج لقيام حروب أكثر في المنطقة حتى تعرف أهمية التعاون العملي والفعلي فيما بينها؟ د. شملان يوسف العيسى