مخاوف من التوتر في باكستان... وحلول مبتكرة لقضية الهجرة كيف يمكن تحسين العلاقات الأوروبية- الروسية؟ وهل بات على واشنطن البحث عن بديل للرئيس الباكستاني؟ وماذا عن سياسات "جوردون براون" المرشح لخلافة توني بلير؟ وما الجديد في سيناريوهات الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أميركا؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "العنف والواقعية وروسيا": تحت هذا العنوان، نشرت "نيويورك تايمز" يوم أمس الجمعة افتتاحية، أشارت خلالها إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الألماني "فرانك والتر شتاينماير" أجريا اجتماعاً يوم الأربعاء الماضي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتهدئة التوتر بين موسكو والغرب، عبر الاتفاق على الحد من التصريحات اللاذعة بين الطرفين. الصحيفة ترى أن الاجتماع خطوة جيدة، لاسيما بعد تصريحات أطلقها الرئيس بوتين، كان قد قارن فيها الولايات المتحدة بألمانيا النازية. لكن رغم تخفيف حدة التصريحات، فإن مصادر الخلاف الرئيسية بين الطرفين لا تزال قائمة؛ فلا يوجد حتى الآن أي تطور إيجابي لجسر الهوة بين روسيا والغرب في مسألة استقلال كوسوفو أو فرض عقوبات على إيران أو نشر الدرع الصاروخي الأميركي في أوروبا الشرقية، كما أن القمة الروسية- الأوروبية التي التأمت، الأسبوع الماضي، على مدار يومين كاملين، لم تسفر عن قرارات بشأن النزاعات الاقتصادية كتلك الخاصة بمخاوف ليتوانيا من الاعتماد على إمدادات النفط الروسية. مشكلة الغرب تكمن في كونه يعتمد على مصادر الطاقة الروسية، وهذا يعني أن عليه التعامل مع بلد يتسم بحساسية مفرطة تجاه ما يراه إهانة لكرامته، خاصة إذا كانت المسألة تتعلق بدول كانت خاضعة في السابق للهيمنة السوفييتية. الصحيفة ترى أن الحوار الغربي بشأن طريقة التعامل مع روسيا غالباً ما يتم اختطافه في الاختيار بين مهادنة روسيا ومواجهتها، لكن بدلاً من ذلك يجب على الغرب التمييز بين القضايا التي تقتضي التعاون مع روسيا كمسألة الطاقة وإيران وإقليم كوسوفو والإرهاب، والقضايا الأخرى التي تعكر صفو العلاقات بين الجانبين، والتي يمكن حلها عبر الدبلوماسية الهادئة. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن جزءاً من التحدي يكمن في الاقتناع بأن الدول التي كانت تدور سابقاً في الفلك السوفييتي، لا تستطع الاستمرار في جعل كرهها لروسيا "فيتو" دائماً على التعامل مع موسكو. وبالنسبة لواشنطن هذا يعني أن تتعامل مع أوروبا كشريك في المجالات التي لا يوجد لروسيا مصلحة أو نفوذ فيها. أما روسيا، فعليها التغلب على حقدها والتعامل بمسؤولية مع عالم متحمس للتعاون معها. مرحلة "ما بعد مشرف": في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، سلطت "كريستسان ساينس مونيتور" الضوء على الدور الباكستاني في الحرب على الإرهاب، لتتوصل إلى استنتاج مفاده أنه في ظل محورية الدور الذي تلعبه باكستان في الحرب العالمية على الإرهاب، على الولايات المتحدة الاستعداد لمرحلة ما بعد حكم الرئيس برويز مشرف. وحسب الصحيفة، فإنه بعد الحادي عشر من سبتمبر، لم يكن أمام واشنطن من خيار سوى الاعتماد على إسلام أباد لتخليص الأفغان من تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان". لكن منذ مارس الماضي فقد الرئيس الباكستاني الدعم الشعبي، ومن ثم يبدو أن الاعتماد على الجنرال مشرف في الحرب على الإرهابيين الإسلاميين آخذ في التراجع. واشنطن الآن تواجه قراراً صعباً، فخلال الشهور الأخيرة صعدت الطبقة الوسطى الباكستانية احتجاجاتها وتظاهراتها ضد مشرف، بسبب إقالته لواحد من قضاة المحكمة العليا، كما أن أحداث العنف كتلك التي وقعت الأسبوع الماضي في كراتشي، والتي أودت بحياة 42 متظاهراً، أججت المخاوف في داخل باكستان وخارجها. وعلى الرغم من نجاحات مشرف سواء في تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد والقبض على أو قتل بعض قيادات "القاعدة" و"طالبان" فإن هذا الرجل الذي وصل إلى السلطة عام 1999 مهدد بسقوط مفاجئ وخطير. "مشرف" يبدو مصمماً على خوض الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في أكتوبر المقبل، كي يُعاد اختياره رئيساً للبلاد لفترة جديدة، غير أن خطواته في الآونة الأخيرة، خاصة تجاه المحكمة العليا، يُنظر إليها على أنها انتهاك للدستور. وحسب الصحيفة، فإنه ليس بمقدور الولايات المتحدة المضي قدماً في دعم الرئيس مشرف، إذا كان كثير من الباكستانيين يقفون ضده، فهذا الدعم ربما يجعل أميركا تخسر 160 مليون باكستاني في حربها ضد "طالبان" و"القاعدة"، ومع هذا كله لا يزال إيجاد شخصية مدنية باكستانية تحظى بشعبية واسعة كي تحل محل الرئيس مشرف أمراً صعباً. من هو جوردون براون؟ هكذا تساءل "بول موكرافت" في مقاله المنشور بـ"واشنطن تايمز" يوم الخميس الماضي، محاولاً استقراء سياسات "جوردون براون" المقبلة في حال خلف رئيس الوزراء توني بلير في "10 داونينج ستريت". الكاتب، وهو مدير مركز تحليل السياسة الخارجية في لندن، يرى أن "براون" معروف بموالاته لأميركا، ومن ثم سيتَواصل التحالف الأميركي- البريطاني في عهده، ومن المتوقع أن يتحالف "براون" مع الرئيس الفرنسي الجدبد "نيكولا ساركوزي"، خاصة في مكافحة الإرهاب. من المحتمل أن يكون "براون" أكثر حرصاً من سلفه "بلير" عند التفكير في تدخل عسكري خارجي، خاصة وأن بعض جنرالات الجيش البريطاني اتهموه بالحد من تمويل الجيش. ومن المتوقع أيضاً أن يُسرع "براون" انسحاب القوات البريطانية من العراق. أما موقفه من الوجود العسكري البريطاني في أفغانستان، فسيتحدد في المئة يوم الأولى من توليه مقاليد الأمور في "10 داونينح ستريت"، وفي هذا الموضوع يرجح الكاتب أن يكون "براون" مهتماً بهزيمة ما وصفه بتمرد "المحافظين" داخل بريطانيا أكثر من اهتمامه بهزيمة فلول "طالبان". الإبداع في قضايا الهجرة: في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، رأت "لوس أنجلوس تايمز" أن مجلس الشيوخ توصل إلى تسوية جيدة لحل أزمة المهاجرين غير الشرعيين، لكن هذا لا يعني أن هذا الحل سيصبح قانوناً. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن المشاورات التي أجريت في مجلس الشيوخ أول من أمس الخميس، أسفرت عن تطورين مهمين غير مسبوقين، أولهما: التوصل إلى خطة عملية تحظى بقبول "الجمهوريين" و"الديمقراطيين" ترمي إلى تقنين أوضاع المهاجرين غير الشرعيين، وثانيهما إجراء فحص دقيق لنظام الحصول على تأشيرة دخول أميركا. وثمة نقطة محورية مثيرة للجدل في الاقتراحات التي يناقشها مجلس الشيوخ بشأن إصلاح قوانين الهجرة، ألا وهي Z.visa التي ربما ستمنح للمقيمين غير المسجلين رسمياً، وفي حال طُبق هذا الاقتراح، سيكون لزاماً على كل من قدم منهم إلى الولايات المتحدة قبل الأول من يناير2007 الخضوع لفحص جنائي يشمل أخذ البصمات والإدلاء بمعلومات أساسية، كي يحصل على إقامة قانونية. وثمة اقتراح بمنح تأشيرة طويلة الأمد لمن يدفع آلاف الدولارات كغرامة ومن يجتاز اختبار اللغة الإنجليزية ومن يثبت أنه على رأس عمله بشكل متواصل. وإذا كان هذا الاقتراح يحظى بقبول الحزبين، فإن ذلك يعني قبولهما بحقيقة مفادها أن بقاء 12 مليون مهاجر غير شرعي في البلد أمر مزعج من الناحية القانونية. من جانبها نشرت "واشنطن بوست" يوم الثلاثاء الماضي افتتاحية بعنوان "لنصلح قانون الهجرة الآن" أشارت خلالها إلى أنه لا يوجد من يطالب بترحيل قسري للمهاجرين غير الشرعيين البالغ عددهم 12 مليون نسمة والذين يشكلون 5% من الأيدي العاملة داخل الولايات المتحدة، والمطلوب إذن منحهم طريقة عادلة تقنن وجودهم في البلاد وتمنحهم فرصة الحصول على حق المواطنة. إعداد:طه حسيب