ضمن التعليقات العديدة التي تناولت حادث السطو على محل المجوهرات في "مركز وافي" بدبي، وسرقة ألماس بنحو 14 مليون درهم نجحت الشرطة في استعادته، ربط الكثيرون بين هذه النوعية من الجرائم والكم الهائل من التأشيرات الذي تصدره يومياً إدارات الجنسية والإقامة، والذي وصل ـ حسب بعض المقالات ـ إلى عشرة آلاف تأشيرة زيارة يومياً، ناهيك عن التأشيرات الصادرة لأغراض أخرى. الواضح من التعليقات أن هناك خلطاً في تحديد مستويات الخطورة الأمنية الناجمة عن الأنواع المختلفة من التأشيرات، فالبعض يرى أن التأشيرات السياحية هي مكمن الخطر الحقيقي، وأن العصابات واللصوص قد يتسترون وراء تأشيرات السياحة، بينما يرى آخرون أن هذه النوعية من التأشيرات لا تجلب للدولة سوى أفواج جديدة من العاطلين والباحثين عن عمل من شتى بقاع الأرض، أما الفريق الآخر فيجمع مختلف أنواع التأشيرات في سلة واحدة، ويرى فيها شراً مستطيراً، وزحفاً واضحاً ومتنامياً لعصابات الجريمة المنظمة للنيل من فرص الازدهار الاقتصادي في الدولة. هذه الدعوات تنطلق بالأساس من غيرة محمودة على مصالح الوطن، ولكنها بالمقابل ترتكز على فرضية أو مسلّمة قائلة، بأن هناك تساهلاً أو تدفقاً غير مدروس في استخراج التأشيرات، وأن هذه التسهيلات هي السبب المباشر في تغذية احتمالات ارتكاب جرائم، تصنّف تقليدياً ضمن الجرائم غير المسبوقة في مجتمعنا. ولذا يبدو من الصعب تبنّي وجهة نظر موضوعية حيال مثل هذه الطروحات، ما لم يتم تحديد العلاقة بين معدلات الجريمة في الدولة من ناحية، وأعداد التأشيرات التي تصدرها الأجهزة المعنية من ناحية ثانية، ويرتبط بهذه العلاقة تحديد ارتباط العمالة الوافدة بشكل عام بمعدلات الجريمة في الدولة، بغض النظر عن كون هذه المعدلات هي الأدنى إقليمياً ودولياً، ويرتبط بها أيضاً تقديم بيانات تفصيلية عن مدى تورط كل جنسية من الجنسيات الوافدة إلى الدولة، للعمل أو الزيارة، في ارتكاب جرائم من أي نوع، كمقدمة لتوظيف هذه المعلومات في إجراءات استخراج التأشيرات، بحيث تتدرج من المرونة إلى التشدد وفق هذه النتائج والقياسات الكمية والتحليلية. الربط المطلق بين معدلات إصدار التأشيرات والجريمة مسألة ربما تتعارض في ظاهرها مع خطط تنموية تتبنّاها الدولة في قطاعات تنموية أخرى، مثل البناء والعقارات والسياحة وغير ذلك، لكن لا مانع مطلقاً من القول بأن إثبات العلاقة بين التساهل في إصدار تأشيرات السياحة على سبيل المثال، وارتكاب بعض الجرائم، ربما يمثل مدعاة حقيقية لإعادة النظر في إجراءات إصدار هذه النوعية من التأشيرات، ولكنها لا تمثل بطبيعة الحال دعوة مفتوحة للتراجع عن التوجّه نحو الاستثمار في هذا القطاع الواعد، ولا ينبغي أن تكون كذلك، إذ إن حدوث بعض الأخطاء الإجرائية، لا يعني بالضرورة حتمية التخلي عن فرصتنا المتنامية في تبوؤ مكانة رفيعة على خريطة صناعة السياحة إقليمياً وعالمياً. هذا الحديث لا ينفي أن هناك أكثر من علامة استفهام أمام بعض الإجراءات في مجال استخراج التأشيرات، خصوصاً ما يتعلق بتعدد جهات استصدار التأشيرات بمختلف أنواعها، ووجود ثغرات كثيرة تؤدي إلى إزالة الفوارق بين أنواع التأشيرات، ناهيك عن التحديد الدقيق للفئات الوافدة التي تستحق كل نوعية من هذه النوعيات، مثلما يحدث في كثير من دول العالم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.