رغم كثرة المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية في الخليج التي تدعو إلى إشراك المرأة في السياسة أو تحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي إلا أن الحقيقة تبقى وهي أن كل هذه الأنشطة لن تؤدي الغرض الأساسي منها... ففي الكويت مثلاً افتتح في 21 أبريل مؤتمر المرأة الكويتية في التشريعات الوطنية الذي نظمته لجنة شؤون المرأة البرلمانية، وفي 30 أبريل تبدأ فعاليات مؤتمر تحديات المرأة الخليجية "الذي يقيمه قسم الاجتماع في جامعة الكويت"... كما نشطت الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية في الكويت بتنظيم دورات تدريبية لتفعيل دور المرأة في أداء مجلس الأمة، ودورة أخرى حول قانون الأحوال الشخصية وآثاره على القوانين الأخرى... هذه الأنشطة وغيرها من أنشطة في دول الخليج العربي... ما الهدف منها؟ وهل يمكن أن تلعب دوراً في تغير وجهة نظر الرجل في المرأة؟ وهل يمكن التأثير على الحكومات أو المجالس التشريعية الخليجية لتغير وجهة نظرها تجاه المرأة؟ إن مستويات المشاركة السياسية للمرأة في دول الخليج العربية لا تزال متدنية ومحدودة للغاية، وإن كانت قد فازت امرأة واحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة وأخرى في البحرين... تقارير منظمة العفو الدولية تؤكد أن هنالك تمييزاً ضد المرأة، وأنه لا توجد دولة خليجية تفي بالمعايير الدولية لحماية حقوق المرأة. ففي إحدى دول الخليج مثلاً لا يمكن علاج المرأة بدون موافقة الرجل! ما هي أسباب تدني أوضاع المرأة في الخليج؟ هنالك أسباب كثيرة لكن الموروث الاجتماعي والإرث القبلي والثقافة الدينية كلها تتسم بالمحافظة، فحركات الإسلام السياسي التي تنتشر في الخليج تؤثر تأثيراً كبيراً في اتجاهات الرأي العام خصوصاً وأنها امتزجت بالمفاهيم القبلية المتخلفة. ومن المفارقات الغريبة في الخليج أن تيارات الإسلام السياسي مختلفة هي أيضاً حول قضايا المرأة، فبعض حركات الإسلام السياسي من السُّنة والشيعة لا تتخذ مواقف فقهية حادة معارضة لدخول المرأة حقل السياسة، إلا أنها غير قادرة وعاجزة عن كسر رموز الحركة الدينية السلفية المعارضة لحقوق المرأة. ومن الغريب كذلك أن المرأة في الخليج سواء في الكويت أو البحرين عندما سنحت لها الفرصة للتصويت في الانتخابات صوتت للتيارات الدينية التي تعارض وجودها وخذلت الحركات الليبرالية التي دعمتها... ويعود سبب عدم تصويت المرأة للتيار الليبرالي أو لأختها المرأة إلى ضعف الوعي السياسي لدى النساء بسبب تفشى الأمية بينهن، كما أن الموروث الديني والقبلي يفرض على المرأة أن تنتخب من ينتخبه زوجها كونه أدرى بما هو صحيح. مجتمعاتنا الخليجية رغم التوسع في التعليم وتحسن مستوى المعيشة والرقي في الخدمات الاجتماعية المختلفة لم تتحرر حتى الآن من بعض المفاهيم الدينية والقبلية والطائفية غير المناسبة، وهي من أهم العوامل التي تعيق تقدم المرأة في الخليج. على القيادات النسائية الخليجية التخلي عن التشكيلة النخبوية التي تعيشها وأن تعيد النظر في طبيعة عملها في المرحلة القادمة بحيث تتحالف وتعمل مع القوى السياسية التي تدعم حقوقها، وتتخلى عن القوى التي تحارب حقوقها. وأخيراً لا أحد ينكر أن المرأة الخليجية قد كسبت بعض المواقع ويتجلى ذلك في دخول المرأة الإماراتية والبحرينية البرلمان ودخول امرأتين في الوزارة الكويتية الجديدة. د. شملان يوسف العيسى