أخبار سيئة عن "معركة القلوب"... والمصالحة شرط للخروج من العراق سجال حاد حول الوضع في العراق، ولا نتائج لزيارة "بيلوسي" لدمشق، وأوجه شبه بين يلتسين وأوباسانجو، ومؤشرات على خسارة أميركا في معركة "كسب عقول وقلوب" المسلمين... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية سريعة على الصحافة الأميركية. "لا نتائج في دمشق": هكذا عنونت "واشنطن بوست" افتتاحيتها يوم أمس الجمعة، مشيرة إلى أنه بعد ثلاثة أسابيع من زيارة "نانسي بيلوسي" إلى دمشق، والتي كانت اختباراً عملياً لنظرية "إدماج سوريا"، وهي النظرية التي كثر الحديث عنها خلال الآونة الأخيرة، ثمة تساؤل مشروع يطرح نفسه مؤداه:هل هناك أي تغير إيجابي في موقف دمشق، أو أي إيماءة على حسن النوايا؟ الصحيفة أشارت إلى الحكم بالسجن خمس سنوات على "أنور البني" أحد نشطاء حقوق الإنسان في سوريا، بـ"جريمة" الحديث عن تعذيب ومحاكمة معارضي النظام، وتأسيس "جمعية حقوق الإنسان السورية" والتوقيع على "إعلان دمشق" الذي يدعم الديمقراطية في البلاد. الحكم بالسجن على "البني" أشبه برسالة ضمنية إلى الإصلاحيين والليبراليين السوريين مفادها ألا تغيير في سياسة النظام السوري، ناهيك عن أن الانتخابات البرلمانية السورية التي جرت الأسبوع الماضي تحمل الرسالة ذاتها، حيث لم يتم السماح لأي مرشح مستقل بالمشاركة، وفاز أعضاء الحزب الحاكم في الانتخابات، مما يعني أن البرلمان سيظل آلية للموافقة الروتينية على القرارات، وفي غضون ذلك يواصل الجناح العسكري لحركة "حماس" الذي لديه مقرات في دمشق شن هجمات صاروخية على إسرائيل من قطاع غزة. الخطر يمكن، حسب الصحيفة، في أن طرح "الصداقة" أو "الأمل" للنظام السوري يمكن تفسيره على أنه إذعان أميركي لسياسات دمشق. سجال حاد حول واقع العراق: حول هذا الموضوع، خصصت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، لترصد جوانب السجال الدائر بين بوش والكونجرس حول تمويل الحرب في العراق. الصحيفة ترى أنه كلما أسرع بوش وحلفاؤه في التخلي عن الادعاء بأن النصر العسكري لا يزال ممكناً في العراق، وتوجيه تهمة "الانهزامية" إلى من يعرفون أكثر منهم، كلما أصبحت أميركا أكثر قرباً من إنقاذ ما يمكن إنقاذه في العراق. ومن الواضح أن البيت الأبيض والكونجرس سيتجهان حتماً نحو حل توافقي، وهو حل لا يجب أن يكون وفق منطق ذهنية مغاير لمنطق بوش الذي تلخصه عبارة: "إما طريقتي وإما الطوفان". وفي الحقيقة تقول الصحيفة، إن الكونجرس يؤدي واجبه في خدمة أميركا من خلال الدخول في حوار مفتوح حول أفضل الطرق التي يمكن من خلالها الخروج من العراق بحيث يتم تقليل الخسائر على المدى الطويل التي قد يتعرض لها الشعب العراقي أو الولايات المتحدة جراء هكذا خروج. الكونجرس على حق في طرح مقاربات أخرى تتمثل في الإصرار على استراتيجية سياسية تتضمن مراجعة سياسات الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة، وهي سياسات أججت ما تصفه الصحيفة بحرب أهلية. معيار تمويل الحرب في العراق كما يراه الكونجرس، يستلزم من الرئيس بوش مطالبة الحكومة العراقية بانتهاج سياسات تصالحية في مسألة النفط وقوات الشرطة والتمييز الوظيفي. ومن دون هذه السياسات لن يكون بمقدور القوات الأميركية أن تأمل في ضمان وحدة العراق. دعوات المصالحة إضافة إلى زيادة عدد القوات الأميركية، سيكون التشريع المرتقب صدوره من الكونجرس أداة لربط التقدم في العملية السياسية العراقية بجدول زمني لانسحاب القوات الأميركية. وإذا كانت لدى بوش مشكلات مع الجدول الزمني للانسحاب، فإنه يمكن مناقشتها، أما إذا أصر على التصرف كما لو كان بقاء قواته في بلاد الرافدين غير محدد المدة، واعتمد على تغيير سياسي من بغداد، فإن ذلك سيفتح الباب أمام أسوأ السيناريوهات، ألا وهو مزيد من الفوضى والخوف داخل العراق، ومزيد من الفوضى في المنطقة بعيد انسحاب حتمي للقوات الأميركية من بلاد الرافدين. يلتسين وأوباسانجو ومعضلة الديمقراطية: يوم أمس الجمعة، وتحت عنوان "جرم الديمقراطية"، خصصت "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها للمقارنة بين روسيا ونيجيريا، خاصة ما يتعلق بحالة الديمقراطية في كلا البلدين. الصحيفة ترى أن الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين والرئيس النيجيري المنتهية ولايته أولسون أوباسانجو يشبهان بعضهما بعضاً في أن كل منهما يُعتبر مؤسساً للديمقراطية في بلاده بعد سنوات طويلة من حكم الأنظمة العسكرية، لكن نمط الحكم إبان هذين الرجلين اتسم بضعف القيادة. الفساد الذي يعصف عادة بالديمقراطيات الناشئة لم يتم كبحه في نيجيريا، والأمر نفسه ينطبق على "روسيا- يلتسين" إبان عقد التسعينيات. روسيا ونيجيريا بلدان غنيان بالنفط، لكن العوائد النفطية لا تصل إلى "الشعب" سواء في حقبة "يلتسين" أو حكم "أوباسنجو". اللافت أيضاً أنهما بمجرد أن ذاقا طعم السلطة سرعان ما أدمناها، فـ"يلتسن" مثلاً كان يرفض الإصغاء إلى الانتقادات وأطاح بحكومة تلو الأخرى، أما "أوباسانجو" فسعى إلى تغيير الدستور كي يتمكن من الحكم لفترة رئاسية ثالثة، كما أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية النيجيرية الأخيرة شابها العنف على نطاق واسع، ولم يندهش أحد بالنتيجة، وهي فوز الحزب الحاكم في معظم الولايات النيجيرية، وصعود رئيس جديد ينتمي للحزب ذاته وهو "عمارو يوراودا".النموذجان الروسي والنيجيري يذكران بمدى هشاشة الديمقراطيات الناشئة، التي لا تنضج بالضرورة مع مرور الوقت. "الأصدقاء والأعداء": اختارت "لوس أنجلوس تايمز" هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، لتتوصل إلى استنتاج مفاده أن ثمة ربيعاً طويلاً ودامياً في كل من العراق وأفغانستان، ومع ذلك يبدو أن الأخبار الخاصة بمعارك الأفكار غير مشجعة، ذلك لأن استطلاعاً للرأي، صدر الثلاثاء الماضي على موقع www.worldpublicopinion.org تشير نتائجه إلى أن الصراع من أجل كسب عقول وقلوب المسلمين ربما في طريقه إلى الخسارة. فأغلبيات ساحقة في كل من مصر والمغرب وباكستان وإندونيسيا تعتقد أن "الولايات المتحدة تسعى إلى إضعاف وتقسيم العالم الإسلامي" وتحاول "الهيمنة سياسياً وعسكرياً على موارد الشرق الأوسط"، ناهيك عن أن بعض من استطلعت آراؤهم يعتقدون أن "تنظيم القاعدة يدافع عن كرامة المسلمين بمواجهته للولايات المتحدة". ما يبعث على مزيد من القلق، هو تأييد بعض مواطني الدول الحليفة للولايات المتحدة للهجمات التي تتعرض لها القوات الأميركية في العراق، ونسب مؤيدي هذه العمليات من المشاركين في الاستطلاع كانت كالتالي: مصر: 91% في المغرب 68% في باكستان 35% و19% من إجمالي المستطلعة آراؤهم في إندونيسيا. ومع ذلك حمل هذا الاستطلاع شعاعين من الأمل أولهما أن أغلبية من شارك في الاستطلاع يرفضون بشدة استهداف المدنيين الأميركيين، وثانيهما انخفاض نسبة مؤيدي بن لادن، خاصة في ظل المذابح التي يرتكبها تنظيمه ضد المسلمين، ففي الأردن أصبحت هذه النسبة 34% في عام 2006 بعد أن كانت 60% عام 2005. الصحيفة نوهت في ختام افتتاحيتها إلى أن إقناع المسلمين بفوائد الديمقراطية وجدواها مقارنة بالحكم الديني، لا يزال استراتيجية طويلة الأجل على واشنطن تبنيها في حربها التي ستمتد لأجيال ضد التطرف الإسلامي. إعداد: طه حسيب