في يوم الثلاثاء 17 أبريل الجاري، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، استراتيجية الحكومة الاتحادية، تلك الاستراتيجية التي تمثل نقلة نوعية في عمل الحكومات ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فقط، بل على المستوى العربي، لأنه لأول مرة نلمس تلك الشفافية من قائد عربي، يخاطب فيها قلوب وعقول أمته كي ينهض بها نحو فجر جديد مليء بالإنجازات والطموحات والخطط التي تتلمس الرفعة أينما كانت وتطرق المجد من أوسع أبوابه. وكان مما أعلنه صاحب السمو في الاستراتيجية تلك النقلة الطموحة والمطلوبة في ميدان التربية والتعليم كي يعد الإنسان في هذه الدولة وفق مواصفات عالية تمكنه من الإسهام في القيادة، وأن يكون فاعلاً ومؤثراً في بيئته. ومع الإعلان عن الاستراتيجية في العاصمة أبوظبي، كانت دبي تهتف بصدى تلك الرؤية، لكن عبر مؤتمر دولي لإصلاح التعليم نظمته كلية التربية بجامعة الإمارات على مدى أيام ثلاثة، وشارك في المؤتمر نخبة من التربويين العرب والعالمين، وشملت محاوره الثمانية جوانب الإصلاح المرجوة، والتي منها المعلم والتقنيات والتنظير في الإصلاح، كما تطرق المؤتمر إلى المنهج المدرسي وقيادة الإصلاح ودور المجتمع فيه. وعرج المؤتمرون على ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي ختام المؤتمر كانت التوصيات. في مقال هذا الأسبوع أنقل لكم بعض أهم الدروس التي تعلمناها من الخبرات العالمية المشاركة. من أفضل من تكلم في المؤتمر من وجهة نظري الشخصية "كيتي هيكوك" من الولايات المتحدة الأميركية، خبراتها متعددة، لكنها تشغل حالياً منصب رئيس حق الضمان التعليمي، وترأست من قبل مجلس الإنجاز الأكاديمي لأنها عملت في التعليم كثيراً. كانت كلماتها مؤثرة وواقعية، وقد بدأت حديثها بمقولة نحن نعاني كثيراً في أميركا من بعض الأمور في التربية والتعليم، وسأذكر بعضها كي لا تكرروا الأخطاء التي وقعنا فيها... بهذه الكلمات شدت الحضور، فماذا ذكرت؟ لقد حذرت "كيتي" من لا مركزية المناهج، حيث قالت لقد كنا في أميركا نؤمن بأن لكل مدرسة منهاجها الخاص، فقادنا الأمر إلى نتائج مبعثرة، لذلك انتقلنا إلى مفهوم التقارب بين المناهج بوضع معايير مشتركة لمعظم المواد، ونترك للمدارس حرية تحقيق تلك المعايير، لذلك أوصي بأن توحد المناهج بقدر الاستطاعة، وتترك للمعلمين الإبداع في طرق تحقيق أهداف المنهج، فليس من سوء أشد من معلم يدرس بلا منهاج. ومن الجوانب المهمة التي عرجت عليها "كيتي" وأعتقد أننا بحاجة إلى بحثها في الإمارات قضية أن تكون مخرجات الثانوية العامة جاهزة للالتحاق بالتعليم العالي مباشرة، دون الحاجة إلى سنة تأهيلية. ومن أهم القضايا الجديدة التي طرحت كذلك قضية ربط رواتب المعلمين بالكفاءة، فلا يستوي اليوم معلم مبدع بآخر يعطي أقل ما لديه، ففي واقعنا اليوم الاثنان ينالان الراتب نفسه، وهذا فيه ظلم للعامل، وربما يقوده في نهاية المطاف إلى شيء من الإحباط . وآخر قضية ذكرتها "كيتي" كانت العدالة في توزيع الموارد بين المدارس والأقاليم، فمن دون هذه العدالة، ستكون في المجتمع مدارس راقية وأخرى دون المستوى، والسبب يكمن في الفرق بين من يملك ومن لا يملك. ومن الشخصيات التي برزت في المؤتمر الدكتور "بيتر والترز" من الولايات المتحدة، وقد عمل مفوضاً للتعليم في ولاية "رود أيلاند"، بمعنى أنه كان وزيراً للتربية في تلك الولاية، وقد تخصص في وضع معايير واضحة وفعالة لأداء التلاميذ، وقد لخص لنا عدداً من المشاكل التي تعاني منها التربية في الولايات المتحدة، وفق تجربته، وذكر أن جل هذه المشاكل هي نتاج طبيعي، لأن المجتمع لم يحدد للمدرسة المطلوب منها، فهو يدعو بقوة إلى ربط المدرسة بالمجتمع عبر نظام للشراكة القوية، مما يجعل مخرجات المجتمع مدخلات جيدة للمدرسة ونتائج المدرسة هي مدخلات مناسبة للمجتمع، فلا ينبغي عزل التربية عن المجتمع. كان ما سبق ملخصاً لأبرز ما دار في المؤتمر، الذي نتمنى من التربية في دولتنا الأخذ بتوصياته.