Foreign Policy
نحو قوة عظمى أكثر ذكاء



قضايا سياسية عدة شملها العدد الأخير من دورية

Foreign Policy التي تصدر كل شهرين عن "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي". ففي ملف العدد شارك 21 خبيراً دولياً في تقديم تصوراتهم للحلول التي يمكن أن تنقذ العالم من الأخطار الداهمة التي تواجهه، ونعرض بإيجاز أبرز ثلاثة تصورات منها: الأول هو ذلك الذي قدمه المفكر "جوزيف ناي" بعنوان "قوة أعظم أكثر ذكاء" ويرى فيه أن الصراع الحالي ضد الإرهاب الإسلامي يتم تصويره كـ"صراع حضارات" في حين أن الحقيقة هي أنه حرب أهلية مندلعة في العالم الإسلامي بين أقلية راديكالية ترى العنف سبيلاً وحيداً لتحقيق أهدافها، وأغلبية لديها رؤية أكثر تسامحاً وقبولاً للآخر، وأن الضرورة تستدعي مساعدة الأغلبية أو التيار الرئيسي على تجفيف منابع التطرف والإرهاب وعدم اعتماد أميركا على الأساليب البوليسية وحدها في القضاء على الإرهاب لأنها لن تجدي نفعاً وأن الأمر يتطلب منها استخدام أدوات القوة الناعمة قبل كل شيء. أما "بول سافو" فكتب تحت عنوان "لقد حان الوقت لإجراء تغيير شامل"، يقول إنه إذا ما أراد العالم إيقاف الإحماء الحراري، وإطعام الفقراء فإنه يجب أن يدرك أنه لا يوجد هناك طريق وحيد لتحقيق ذلك وإنما هناك عدة طرق، منها ضرورة إجراء عملية تعديل الاتفاقيات البيئية الدولية بحيث تصبح أكثر مرونة وأن تعمل الولايات المتحدة على الانضمام لتلك الاتفاقيات والمصادقة عليها لأنه بدون ذلك فإن تلك الاتفاقيات تظل حبراً على ورق. أما "جيفري دي. ساشز"، فكتب تحت عنوان "كيف يمكن إيقاف ذلك المرض القاتل" والذي يقصد به مرض الملاريا أن هذا المرض يتوقع له أن يقتل ما بين 1 و3 مليون طفل أي بمعدل 7000 طفل يومياً، وأن معظم تلك الوفيات ستتم في القارة الأفريقية وهو رقم مفزع لا يتيح لأي دولة أن تتعلل بأي حجة كي تمتنع عن المشاركة في الجهد الدولي الخاص بهذا المرض القاتل الذي ينتج عن البعوض والذي يؤدي إلى هبوط الإنتاجية ويقلل من نسبة حضور التلاميذ في المدارس ويعوق النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية التي تعاني من التخلف خصوصاً وأن وسائل الوقاية والعلاج متاحة كما أن المرض بشكل عام قابل للعلاج. ويشير الكاتب إلى أن هناك حزمة من التقنيات العلاجية التي يمكن عن طريق استخدامها وضع نهاية لهذا المرض بحلول عام 2010 كما يشير إلى أن وسائل الوقاية من هذا المرض وهي عديدة كفيله بالحد من انتشاره بنسبة 90 في المئة، وأن الواجب الأخلاقي والإنساني يحتم على الدول الغنية عدم التردد في إنفاق المبالغ الضرورية لمقاومة الملاريا في أفريقيا.




"دراسات شرق أوسطية": تطورات استراتيجية

---------

في المقال الافتتاحي للعدد الأخير من مجلة "دراسات شرق أوسطية"، تتوقف المجلة عند "أبرز التطورات الاستراتيجية في الساحة الفلسطينية خلال عام 2006"، وترى أنه نظراً لنجاح حركة "حماس" في الإمساك بزمام القيادة، رغم التحديات التي عملت على إفشالها وإسقاطاها وإخراجها من موقع القيادة، فإن عام 2007 قد دخل وحركة "حماس" تحقق إنجازاً في فرض رؤيتها السياسية والإمساك بزمام القيادة وتحقيق حضورها في رسم مستقبل المنطقة، ما يشير -حسب المجلة- إلى أنها قد تكون اللاعب الأساسي في التحولات السياسية في المنطقة خلال العام الجاري فيما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي. وتشير المجلة إلى ملمحين استراتيجيين لعام 2007 في الساحة الفلسطينية؛ أولهما تزايد قدرة "حماس" على فك الحصار عن الشعب الفلسطيني من جهة والولوج إلى حلبة الساحة الإقليمية والدولية بمفاهيم جديدة من جهة أخرى. وثانيهما تزايد واقعية التفكير والتخطيط في حركة "فتح" باتجاه قبولها بدور المشاركة في الحياة السياسية الفلسطينية، حتى ولو تحت قيادة "حماس"!

وتحت عنوان "الحرب على لبنان ومسألة الشرق الأوسط الأميركي الجديد"، تربط دراسة أخرى تضمنها العدد نفسه من المجلة، بين عمليتي "الوهم المتبدد" في فلسطين و"الوعد الصادق" في لبنان، بالنظر إلى أنهما أسقَطتا معاً وهم الأمن الإسرائيلي الحصين، ودفعتا تل أبيب إلى التبكير بحربها على لبنان وقطاع غزة لتكون مدخلاً لإعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد، وهو -كما تعتقد الدراسة- مشروع أميركي يهدف إلى تفتيت الدول العربية طائفياً وعرقياً وعزل القوى المناهضة للوجود الأميركي، في تخل واضح من جانب واشنطن عن فكرة نشر الديمقراطية في المنطقة. وعلى ضوء فشل الاستراتيجية الإسرائيلية، تعتقد الدراسة أن إسرائيل أصبحت أمام خيارين، إما التوجه إلى مفاوضات مباشرة مع سوريا بهدف عزلها والتضييق على "حماس" و"حزب الله"، أو الاستعداد لحرب إقليمية قادمة لاستعادة قوة الردع وفرض حل بالقوة.

وتحت عنوان "الآثار الثقافية المحتملة لانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية"، تحاول دراسة أخرى رصد وتحليل حدود وإمكانيات التغير أو الانفتاح في السعودية بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في نوفمبر 2005، وذلك من خلال استعراض عدد من القضايا الثقافية- السياسية التي تثير جدلاً داخلياً في الساحة السعودية. وتخلص الدراسة إلى أن حالة الانفتاح الحاصلة بعد 11 سبتمبر 2001 قد تبقى محدودة، كما تكشف عن رغبة في تحسين الوضع الراهن وليس تغييره، مما يعني استمرار النمط القائم على الجمع المتوازن بين الاستجابة لحتمية التطور وبين ضرورة الاستقرار الداخلي.