أصداء إيجابية للانتخابات الفرنسية... ودعوة لـ"إحياء" الدستور الأوروبي نتائج الانتخابات الفرنسية، والسجال الدائر حول الدستور الأوروبي، ووفاة بوريس يلتسين، وفضيحة وولفوفيتز في البنك الدولي... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية على الصحافة البريطانية. * ديمقراطية حية: تحت عنوان "نتيجة الانتخابات الفرنسية تبين أن الديمقراطية حية وعلى ما يرام"، نشرت "الإندبندت" يوم الاثنين الماضي افتتاحية، علقت خلالها على نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية بالقول إن هذه النتيجة تعني أن منصب الرئاسة الفرنسي قد غدا محصوراً بين "نيكولا ساركوزي" و"سيجولين رويال" وأن نسبة الـ30 في المئة من أصوات الناخبين التي حصل عليها "ساركوزي"، تجعل كفته هي الأرجح، إلا أنها لا تعني أنه قد ضمن الوصول إلى قصر الإليزية. وترى الصحيفة أن هذه النتيجة مطمئنة، كونها تعني أن السياسة الفرنسية قد عادت إلى طبيعتها بعد الهذيان الذي شهدته في الانتخابات التي تمت منذ خمس سنوات حيث انحصرت في النهاية -كما هي طبيعة الانتخابات الفرنسية- عادة بين مرشح من "يمين الوسط "، وهو هنا "نيكولا ساركوزي" ومرشحة من الاشتراكيين وهي "سيجولين رويال". وتخلص الصحيفة إلى أنه بصرف النظر عن الفائز في تلك الانتخابات فإنه سيدخل دون شك تغييراً على السياسات الفرنسية، وهو ما يرجع إلى أن المرشحين الاثنين ينتميان إلى جيل جديد غير الجيل الذي ينتمي إليه شيراك، كما أنهما سياسيان من نوع جديد: فـ"رويال" في حالة انتخابها ستكون أول امرأة تفوز بمنصب رئيس فرنسا، و"ساركوزي" لو فاز سيكون أول رئيس فرنسي من أصول غير فرنسية، كما أن الاثنين يشتركان في رؤية واحدة للعالم، وهو الجانب المطمئن للغاية في الانتخابات الفرنسية الأخيرة. * "مات تاركاً عالماً أفضل": في تعليقها على نبأ وفاة الرئيس الروسي السابق "بوريس يلتسين" تقول "الإندبندنت" في افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي، إن هناك الكثير من الذكريات السيئة التي يحملها الروس لرئيسهم الراحل يلتسين خلال فترة حكمه التي استمرت ثماني سنوات: منها عدم محافظته على هيبة منصب الرئاسة من خلال الظهور علناً، وهو في حالة سُكر بيِّن، والطريقة الوحشية التي أنهى بها حملة جيشه في الشيشان، وتدليله للأغنياء على حساب الفقراء، وانهيار الروبل 1998 وهو ما جعل قطاعاً كبيراً من الشعب الروسي -كما بينت استطلاعات الرأي العديدة - يرى أنه أقل الرؤساء شعبية منذ عهد نيقولا الثاني. بيد أن الصحيفة ترى مع ذلك أن التركيز على تلك العيوب والنواقص، يؤدي إلى التقليل من شأن الإنجازات التي حققها ومنها قيادته الشجاعة لفترة التحول التي تلت سقوط الاتحاد السوفييتي السابق مباشرة، وأداءه الجيد نسبياً في العامين اللذين تليا هذا السقوط بحيث يمكن القول دون مواربة إن الرجل كان له دور كبير في دفن الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان من أفظع الديكتاتوريات في التاريخ وفي إدخال الرأسمالية إلى روسيا وإن كانت قد اتخذت طابعاً فوضوياً. وخلصت الصحيفة إلى القول بأن الشعب الروسي قد لا يحزن كثيراً على "بوريس يلتسين"، ولكن الحزن الحقيقي عليه سيكون في الخارج باعتباره الرجل الذي حطم الطغيان السوفييتي، وخلف من ورائه عالماً أفضل بكثير مما كان قبل ظهوره. * يجب عدم السماح للدستور الأوروبي بالطيران مجدداً": بدأت "التايمز" افتتاحيتها تحت هذا العنوان والمنشورة أمس الأربعاء بالقول بأن هناك نوعاً من حوار الطرشان يدور الآن في العواصم الأوروبية، وهو ما يرجع إلى أن رفض مشروع الدستور الأوروبي بواسطة الفرنسيين والهولنديين منذ عامين، لم يثن بعض قادة الاتحاد الأوروبي عن المحاولة ليس مرة واحدة ولكن مرات عديدة لإعادة الحياة لذلك الدستور. ومن هؤلاء المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" التي تبذل محاولات مضنية لتقديم مسودة دستور مختصرة تتفق من حيث الجوهر مع مسودة الدستور القديم، ولكنها تخلو من الكثير من التفاصيل التي تضمنها أو كما قالت هي نفسها: "أن النسخة المعدلة ليست سوى صياغة جديدة للنسخة القديمة دون تغيير الجوهر القانوني". أما الحكومة البريطانية، فقد أعربت عن رغبتها في صياغة ما أطلقت عليه "معاهدة مصغرة" تتعامل مع التداعيات الداخلية التي نتجت عن توسيع الاتحاد الأوروبي من 15 عضواً إلى 27 عضواً، لأنها ترى أن توسيع الاتحاد سينتج عنه حتماً تقليص قدرتها على إعاقة أي تشريع أو مشروع قرار لا تراه متفقاً مع رؤيتها أو مصالحها. وترى الصحيفة أن النقطة التي غابت عن حوار الطرشان الجاري في أوروبا هي الحاجة الماسة إلى القبول بإعادة الصلاحيات مجدداً إلى الدول الأعضاء وعدم مراكمتها في مقر رئاسة الاتحاد، وإن هذه هي الفكرة التي كانت في أذهان القادة الأوروبيين عندما دعوا إلى الاتحاد منذ ست سنوات، وهي أيضاً النقطة التي يجب التركيز عليها في أي صياغة جديدة للدستور. * "رائحة النفاق": اختارت صحيفة "الإندبندنت" هذا العنوان المقتضب لافتتاحيتها المنشورة أمس الأربعاء، والتي تناولت فيها الدعاوى المطالبة باستقالة "بول وولفوفيتز" من رئاسة البنك الدولي على خلفيه الاتهامات الموجهة له بزيادة راتب صديقة له ونقلها إلى وظيفة مغرية. الصحيفة تطرقت إلى لجوء "بول وولفوفيتز" إلى الاستعانة بخدمات "روبرت بينيت" محامي الرئيس السابق "بيل كلينتون"، وتقول إن هذه الخطوة تدل على أن "وولفوفيتز" وعلى الرغم من مرور ثلاثة أسابيع على تكشف تفاصيل فضيحته لا يزال غير مدرك للمغزى الحقيقي لها. فالمشكلة هنا ليست هي شرعية ما حدث أو عدم شرعيته، وإنما المشكلة هي الطريقة السليمة التي يجب أن يُدار بها البنك والمحافظة على ثقة العاملين وروحهم المعنوية، وعدم اتباع معايير مزدوجة في التعامل معهم. فليس كافياً أن يدّعي "وولفوفيتز" أنه قد قام بما قام به بنية حسنة، ولكن المهم هو ذلك الإدراك السائد في أروقة البنك بأن السيدة "رضا شاها" قد تم منحها امتيازات لا تستحقها، وأنها قد عُوملت معاملة مالية بطريقة أفضل كثيراً من زملائها، وهذا هو تحديداً ما لم ينجح "وولفوفيتز" في إدراكه حتى الآن. إعداد: سعيد كامل