بعد فرض المحاصصة الطائفية للسلطة والثروة، ثم تطبيق نظام الفيدرالية كوصفة لكيانات بديلة عن الدولة... هاهي الخطوة التكميلية تأتي لتقسم بغداد عبر جدران فصل طائفية هي الأولى من نوعها في تاريخ العراق، رغم كل ما مر عليه من غزوات ومحن وتجارب حكم أجنبية! ورغم أن نوري المالكي دافع عن بناء الجدار، بوصفة "مجرد عمل إجرائي أمني" لحماية المناطق السنية وتسهيل حياة أهلها، فإن الجدار في رمزيته العامة يمثل الفصل والعزل والإقصاء والإخضاع والاستئصال، ويشير إلى أهداف الجهة التي اتخذت قرار بنائه. جدار الفصل العنصري في فلسطين أيضاً كان وليد الاحتلال الإسرائيلي للأرض، وكان أحد أهدافه إنهاء وجود الكيان الفلسطيني ككيان متصل ومترابط جغرافيا وبشرياً..! وكانت ذريعة الأمن، كما نرى، حجة أساسية وراء بناء الجدارين معاً! وبطبيعة الحال تم بناء الجدارين كذلك، رغماً عن إرادة السكان أي أهل البلد وأصحاب الأرض! أليست ثمة إذن قواسم مشتركة كثيرة تجمع ذينك الجدارين؟ لا شك أن التاريخ سيضعهما جنباً إلى جنب كنموذج لما يفعله الاحتلال، وسيذكر أن أول جدار طائفي في بغداد هو ذلك الذي بناه الأميركيون في ظل حكومة المالكي! فهل لنا بعد الآن أن نسأل: من المسؤول عن تأجيج الصراع الطائفي لتقسيم العراق؟! محمد مسعود- دبي