تساءل هوارد لافرانتشي في عنوان مقاله على جريدتكم الموقرة، يوم أمس الأحد، "كيف يمكن تفعل العملية السياسية في العراق؟"، مبرزاً عوامل أهمها التدهور الأمني والتلكؤ في تحقيق المصالحة الوطنية والنكوص عن الوعود التي منحت للسُّنة بتعديل الدستور، علاوة على قانون النفط والغاز الذي أقر مؤخراً... كأسباب مباشرة لفشل العملية السياسية هناك! لكنني أختلف مع الكاتب في نقطتين؛ فما يحدث في العراق ليس عملية سياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل هو في حقيقته قسمة ظالمة للسلطة والثروة على أساس طائفي، وذلك بإشراف قوة احتلال أجنبي فرضت قرارها بالقوة على جميع العراقيين، وفي تناقض تام مع المصلحة العليا للعراق وسيادته الوطنية. هذا علاوة على أن أميركا قررت أن تستبعد منذ البداية طائفة السُّنة العرب، وعادت الآن لتحاول هي وحلفاؤها الممسكون بزمام السلطة، إلحاق أولئك السُّنة بما يسمى "العلمية السياسية"، عنوة وبالإكراه. وقد رأينا كيف أن حكومة نوري المالكي، حين نظمت مؤتمراً صورياً للمصالحة قبل عدة أشهر، كانت تحاور ذاتها من خلال التحدث إلى الأحزاب المشتركة فيها، أما الطرف الآخر فكان غائباً، بل اتضح وجود إرادة علنية للامعان في تغييبه! فأي عملية سياسية إذن يتحدث عنها الكاتب، وأي مصالحة وطنية تلك التي يتصور حدوثها في ظل وضع كالوضع العراقي الحالي! أما نقطة خلافي الثانية مع الكاتب، فتتعلق بما ساقه من عوامل وأسباب لتفسير حالة الإخفاق والتعثر في العملية السياسية، والتي أعتبِرها عوامل ثانوية أو هي بالأحرى مجرد أعراض للعامل الرئيسي الأول، أي الاحتلال الأجنبي للعراق. لذلك أعتقِد أنه ما أن ينتهي ذلك الاحتلال حتى يستعيد الشعب العراقي وحدته الوطنية ويعم الأمن كافة أنحاء بلاده، وتلك أمنية غالية على جميع العراقيين. ناصر كريم - دبي