تضمن مشروع الميزانية الذي تقدم به الرئيسُ جورج بوش مؤخراً حزمة مساعدات تبلغ قيمتها الإجمالية 123 دولاراً مخصصة لتمويل برامج منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في مجالات الصحة والتعليم والوقاية خلال السنة المالية المقبلة. ونحن إذ نشيد بهذا القرار الحكيم الذي اتخذه الرئيس، يحدونا أمل كبير في أن يحذو الكونجرس حذوه. ذلك أن تخصيص التمويل لتأمين صحة وسلامة الأطفال يشكل خطوة مهمة على درب خلق عالم أكثر أمناً وصحة. بيد أنه إذا كان رصد ملايين الدولارات عملاً ينمُّ عن كرم وسخاء ويكتسي أهمية بالغة بالنسبة للجهود التي تبذلها "اليونيسف"، فإن الولايات المتحدة تستطيع اتخاذ خطوة بسيطة إضافية لا تقل أهمية على درب النهوض بأحوال أطفال العالم. إذ من شأن المصادقة على "اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل" أن تُظهر التزام الولايات المتحدة بدعم مبادئ "اليونيسيف"، ناهيك عن حقيقة أنها لن تكلف فلساً واحداً. والواقع أنه ليس بالضرورة أن تكون كل أعمال الحكومة تنطوي على هذه الأهمية الكبيرة وتكلف القليل. تقوم الولايات المتحدة بعرقلة دعم عالمي بالإجماع لهذه الاتفاقية، التي يتمثل هدفها الوحيد في حماية حقوق الأطفال، مشيرة في هذا السياق إلى مخاوف بخصوص أمور مثل السيادة، والنظام الفيدرالي، ومواضيع التخطيط العائلي، وحقوق الآباء. والحال أنه يصعب تصديق أننا البلد الوحيد، إلى جانب الصومال، الذي لم يتبن "اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل". فعلى رغم أن تبني هذه الاتفاقية لن يكون له سوى تأثير طفيف على سياسة الولايات المتحدة، إلا أن من شأن ذلك أن يبعث برسالة تضامن قوية إلى العالم. ذلك أن من شأن تبني هذه الاتفاقية التأثير إيجاباً على حياة ملايين الأطفال، وإظهار الالتزام بالتفاعل البناء مع الهيئات الدولية. ثم إن اتفاقيةً لحقوق الإنسان تحظى بالإجماع العالمي ستشكل سابقة من شأنها أن توفر إطاراً مفيداً يمكن للبلدان ووكالات حقوق الإنسان أن تؤسس عليه سياساتها. وعلاوة على ذلك، فمما لاشك فيه أن زيادة الانتباه إلى ما من شأن المصادقة الأميركية أن تجلبه لمشكلات حقوق الأطفال، ستؤدي إلى زيادة في التمويل والتغطية الإعلامية الرامية إلى الترويج للسياسات التي تحمي الأطفال. إن الحاجة إلى تبني الولايات المتحدة لهذه الاتفاقية وإلى فرض الحماية التي توفرها واضحة جداً. فحسب منظمة "اليونيسيف"، فإن مليوني طفل يتم استغلالهم كل عام من قبل صناعة الجنس في العالم. ثم إن أزيد من مليون ونصف المليون طفل قُتلوا منذ 1990 في النزاعات المسلحة عبر العالم. وعلاوة على ذلك، فإن الأطفال، حتى في الولايات المتحدة، ليسوا بمنأى عن الأذى الذي لا دخل لهم فيه. وفي هذا الإطار، تشير الإحصائيات إلى أن نحو 1400 طفل أميركي يموتون كل عام بسبب الاستغلال والإهمال. لقد اعترف الكونجرس، قبل عشر سنوات من اليوم، بخطورة هذا الوضع عندما ناقش دعوة النائب برنارد ساندرز إلى المصادقة على الاتفاقية. والواقع أنه بعد مرور نحو عقد على ذلك التاريخ، مازالت ثمة أسباب كافية بالنسبة للولايات المتحدة كي تستعمل موقعها باعتبارها زعامة عالمية وتتخذ خطوة حاسمة من أجل حماية الأطفال. غير أن الكونجرس خلال فترة بوش الرئاسية لم يبحث ولو مرة واحدة إمكانية المصادقة على هذه الاتفاقية. يحدونا الأمل كل الأمل في أن يدرك عضو من الكونجرس رقم 110 في تاريخ الولايات المتحدة أهمية الاتفاقية ويأخذ المبادرة في هذا المجال. فثمة أوقات في مجال الدبلوماسية الدولية تكون فيها الأعمال بنفس أهمية الدولارات. جوشوا لوزمان وليني روتكو ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ باحثان أميركيان بجامعة "جون هوبكنز" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"