العرب يبادرون عادة بالسلام، لكن إسرائيل لا تعترف إلا بالقوة، والدليل على ذلك أن تل أبيب لم تمض قدماً في عملية السلام إلا بعد تحطم أسطورتها العسكرية في حرب 1973. والانسحاب من جنوب لبنان لم يتم إلا تحت جنح الظلام في سنة 2000 وبعدما خسر الإسرائيليون حرب الاستنزاف في لبنان، والانسحاب الذي سمي أحادياً من غزة لم يتم التفكير أصلاً فيه إلا بعدما تحول قطاع غزة إلى مستنقع للجيش الإسرائيلي. ومشكلة إسرائيل الحقيقية هي أنها لا تؤمن إلا بمنطق القوة، ولا يعجبها حوار إلا بالرصاص ومنطق الحديد والنار. كما أن جنون القوة والغطرسة الذي ينتاب كثيراً من نخبها السياسية يعميها عن رؤية أي طريق آخر لتحقيق أهدافها سوى طريق الغزو والعدوان والتعدي على الآخرين وعلى أراضيهم، وهي التي قال أحد ساستها يوماً ما إن حدودها ترسمها جنازير الدبابات الإسرائيلية. ولذا فإن على المفاوض العربي في أية محادثات سلام مقبلة مع الدولة العبرية أن يضع في حسابه أنه يتعامل مع طرف لا يؤمن إلا بمنطق القوة، ولا يؤمن أصلاً بالسلام من أجل السلام. أيمن الصادق - الفجيرة