مثل غيري من غالبية الأميركيين، فقد تسمرت أمام شاشة التلفزيون يوم الاثنين الماضي، وأمضيت الساعات الطوال في مشاهدة تلك الصور المروعة للطلاب من جرحى الهجوم الذي وقع في جامعة فرجينيا التكنولوجية. وكم كان قلقي بالغاً وعظيماً عندما أذيع خبر عن احتمال أن يكون الجاني من أصل آسيوي. وازداد انشدادنا إلى الشاشة، أنا وزوجتي معاً، آملين ألا ينتهي الأمر إلى أن يكون الجاني كورياً أو أميركياً كورياً. ولابد لي من الاعتراف بأنني قد تنفست الصعداء عندما ذكرت وسائل الإعلام أنه ربما يكون صينياً. لكن ولخيبة أملي فقد أكدت مصادر الشرطة في اليوم التالي الثلاثاء، أنه أميركي كوري وأن اسمه "سيونج- هوي شو". وكانت استجابتي الأولية لتلك الحادثة، شأني شأن غيري، هي الشعور بالصدمة والأسى والحزن، بل وعدم تصديق ما حدث. لكنني سرعان ما بدأت أقلق من ردة الفعل العدوانية المحتملة على الجاليات الآسيوية المقيمة في الولايات المتحدة، ولاسيما على أعضاء الجالية الكورية. وكان مبلغ خوفي ما إذا كانت وسائل الإعلام الرئيسية ستصور من أتى هذا الفعل الشائن، باعتباره فرداً استثنائياً جامحاً، أم ستقدمه على أنه صورة نمطية للآسيوي الراديكالي المتطرف؟! أم يا ترى ستعود هذه الوسائل إلى التوصيف السائد الراسخ للآسيوي باعتباره شخصاً هادئاً كادحاً ومجداً في عمله، وأن أولاده يعانون ضغطاً أسرياً رهيباً من أجل التفوق الدراسي في الجامعات والمدارس؟ وكما تكشف لاحقاً، فقد كان لـ"شو" تاريخ من الغضب والمشكلات العاطفية، حسبما ذكرت المصادر الإعلامية. ونشر عنه أنه كان يتلقى علاجاً لأعراض الاكتئاب. وللحقيقة فإن كثيرين منا، وخاصة من يفرطون منا في العمل، وكذلك الطلاب المجهدون في دراستهم، يعانون من مشكلات وأعراض كهذه. ولذلك فقد أفلت مارد ما في ذلك الشاب في لحظة ما، وسارت الأمور على ذلك النحو الدموي. ووفقاً لبعض التقارير الصحفية، فإن لوالدي "شو" محل لخدمات الغسيل الجاف، يملكانه ويتوليان إدارته. وذكرت التقارير أنه من فرط الصدمة التي أصيبا بها جراء ما أتاه ابنهما، فقد أدخلا المستشفى معاً. وإني لعلى ثقة بأن الأميركيين الكوريين سيستشعرون مسؤولية جماعية ما، إزاء هذا الصبي اليافع الذي فعل ما فعل، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على رغم أن الحادث بحد ذاته لا يعدو كونه فعلاً فردياً واستثنائياً ناشزاً. وكان ممكناً أن يأتي الفعل نفسه كل من يعاني أعراض الاكتئاب الحاد أو اضطراباً ذهنياً لم يتلقَّ العلاج المناسب له. لكن مع ذلك، فإنني أستشعر مسؤولية شخصية ما إزاء ما حدث. لماذا هذا الشعور إذن؟ الإجابة هي أنني بصفتي أميركياً ينحدر من أصل كوري، أشعر بنوع ما من الرابط الثقافي بل والمسؤولية الأخلاقية إزاء ما فعله ذلك الصبي. ولذلك فليس مستغرباً أن تستبد مشاعر الحزن والأسى بأوساط الأميركيين الكوريين، على مجرد إتيان واحد منهم هذا الفعل الدموي الشنيع. وبما أننا نقترب من الذكرى الخامسة عشرة للاضطرابات المدنية التي عرفتها لوس أنجلوس، فإن كثيرين من أبناء الجالية الكورية هنا لا يزالون يذكرون جيداً كيف أن وسائل الإعلام الرئيسية قد رسمت حينها تلك الصورة النمطية المتحيزة ضدهم، باعتبارهم حملة بنادق حذرون يقظون لا تغمض عينهم ثانية واحدة عن متاجرهم ومحلاتهم، بينما كانت النيران تلتهم المدينة كلها في واقع الأمر! ومن المؤسف أننا لا نزال نكابد من أجل تجاوز تلك الصورة النمطية الثابتة التي التصقت بنا. يضاف إلى ذلك أن عدد أفراد الجالية الكورية في لوس أنجلوس يربو على نصف المليون، في ما يعد أكبر تجمع للكوريين خارج حدود قارتهم الآسيوية، ومع ذلك فها هي الصورة النمطية الراسخة عنهم حتى الآن. وكانت الجالية الآسيوية الأميركية قد شكت منذ مدة طويلة من غياب من يمثلونها في وسائل الإعلام الأميركية. ومن فرط هذا الغياب، فقد ذكرتني التقارير الإعلامية الأولية الصادرة عن القاتل، القائلة باحتمال أن يكون من أصل صيني، بحقيقة تشابه ملامح جميع الآسيويين في نظر جميع من هم خارج الجاليات الآسيوية. ومهما حدث، فإنه لمن الظلم الفادح أن تحمّل الجاليات الآسيوية كلها -وليس الكورية وحدها- المسؤولية عن سلوك فرد واحد يعاني من اضطرابات نفسية على حد ما أكدت كافة التقارير المنشورة عنه حتى هذه اللحظة. والحقيقة التي لابد من إقرارها هنا، أن "شو" قد هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية وهو صبي لا يتجاوز عمره الثماني سنوات، وأنه لقي مصرعه في سن الثالثة والعشرين، وأن تخصصه الرئيسي كان دراسة اللغة الإنجليزية في جامعة فرجينيا التكنولوجية. ما أقصد قوله بعبارة أخرى، إنه ربما كان طليق اللسان في اللغة الإنجليزية، وأنه تشرب بالثقافة الأميركية التي نشأ في بيئتها. وللسبب عينه، فربما لم يعرف "شو" كثيراً عن لغته الكورية الأصلية ولا عن ثقافتها. ومع ذلك فأنت تنظر إلى العناوين الرئيسية عنه في الصحف والفضائيات وهي تقرأ كما يلي: "سيونج- هيو شو" الكوري الجنوبي! على أنني لا أريد أن أنفي هنا تماماً وجود صحة ما انطبع من صورة نمطية عن الآسيويين في ذهن المجتمع الأميركي، سواء ما ارتبط بها من كد في العمل أم بنجاحهم وتفوقهم الأكاديمي. لكن وفي سبيل تجاوز ما حدث في جامعة فرجينيا وتفاديه، فإن علينا أن نتجاوز هذه الصور النمطية، وأن نعمل على ردم الهوة الإثنية الفاصلة بين مختلف شرائح المجتمع الأميركي. ــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"