إنه سباق مذهل... أقصد حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية بالطبع. ذلك أن الحملة التي مازالت في أيامها الأولى بدأت تبدو كما لو أنها لن تُحسم بين الأشخاص الذين سيأتون بأفضل الحجج وسيتمكنون من إقناع الناخبين بجدية برامجهم ووجاهتها، وإنما بين الأشخاص الذين سيتمكنون من جمع أكبر قدر من أموال التبرعات. وهكذا، فإلى حدود الأسبوع الماضي، كان الكثير من المراقبين يرون أن السيناتورة "الديمقراطية" هيلاري كلينتون تمثل الخيار الذي لا مناص منه بالنسبة للحزب "الديمقراطي". إلا أنه سرعان ما وردت تقارير إخبارية حول المبالغ المالية التي تمكن المترشحون من جمعها خلال الربع الأول من هذا العام. أما المفاجأة، فقد حملها السيناتور "باراك أوباما" الذي تمكن من جمع نحو 25 مليون دولار، مقترباً جداً من مبلغ الـ26 مليون دولار الذي جمعته السيناتورة هيلاري كلينتون. وفجأة تحدثت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن سباق حزبي داخلي محتدم. أما على الجانب "الجمهوري"، فقد سجل "ميت رومني" نقاطاً جيدة بعد أن تمكن من جمع 23 مليون دولار. وهكذا، فقد بدأ يظهر أن المال اليوم سيطغى على سباق البيت الأبيض بشكل كامل تقريباً في وقت تتجه فيه الولايات المتحدة نحو أول حملة انتخابية تناهز المليار دولار في تاريخها. وإذا كان الأمر كذلك، فأستغرب لماذا يُهدَر الكثير من الوقت والجهد على جمع المال، في حين يمكن ادخار ذلك للانتخابات العامة. وهنا أود أن أقترح فكرة تقضي بأن يتم إلغاء الانتخابات الحزبية الداخلية تماماً، وأن يُمنح الترشحُ باسم الحزب بكل بساطة للمرشح الذي يجمع أكبر قدر من المال. وبهذه الطريقة، نكون قد وفرنا على أنفسنا عناء القلق والترقب كل ربع ساعة لمعرفة من سيأتي من الخلف ويتقدم على المرشحين الآخرين. ولعل ذلك يرضي الجميع تقريباً، باستثناء الشبكات التلفزيونية التي من المؤكد أنها ستفقد في هذه الحالة ملايين الدولارات التي تدرها عليها إعلانات المرشحين. وإذا أمعنا التفكير في الأمر، فأنا واثق من أن فكرتي هذه لا ينبغي أن تقتصر على عملية الترشح الحزبي. إذ يمكن أن نتخيل أيضاً قيام اللجنة الانتخابية الفيدرالية يوم الانتخابات في لحظة مخطط لها سلفاً بفتح الظرف والإعلان عن اسم المرشح الذي تمكن من جمع أكبر قدر مالي- وبالتالي اسم رئيس الولايات المتحدة المقبل. ربما يمكن للمحكمة العليا حينها أن تترأس هذه المراسيم. كلا، إنها فكرة سيئة. ذلك أنه لا يوجد ما يمكن لأعضائها أن يعلنوا عنه. غير أنه مما لاشك فيه أن منح الانتخابات لصاحب أكبر مبلغ مالي سيمنحنا أفضل رئيس يمكن للمال أن يوفره. ـــــــــــــــــــــ كاتب ومحلل سياسي أميركي ـــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"