قرأت في هذه الصفحات يوم الأربعاء الماضي مقالاً للكاتب نيكولاس كريستوف تحت عنوان: "دارفور المنسية... ثمن الدم وضريبة الصمت!"، ومن يقرأ هذا المقال يتعجب حقاً من بلاء ازدواجية المعايير الذي يرزح فيه كثير من الكتاب الغربيين، والأميركيين منهم خاصة. فما يحدث في دارفور يا سيد كريستوف ليس إبادة جماعية، فهذا التكييف، وهذه الصفة، أنتجهما الإعلام الأميركي فقط، ولا أساس لهما من الصحة. ما يجري هناك هو تمرد تقوم به جماعات انفصالية ذات منزع إجرامي، وتريد تصفية جزء من سكان الإقليم هو القبائل العربية. وما تقوم به الحكومة السودانية ليس أكثر من كونها ترد الضرر الذي يلحقه التمرد بسيادة البلاد ووحدتها الوطنية. ولو كان كلام الكاتب الأميركي هذا مبنياً على مشاعر صادقة، وغير محملة بالنوايا والأغراض الخاصة، فلماذا لا يتحدث هو ، ولا أي من الكتاب الغربيين، عن الإبادة الجماعية التي تقوم بها القوات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، على مرأى ومسمع من العالم أجمع؟ إن الغرض من تفجير أزمة دارفور أصلاً هو تمزيق وحدة السودان، وتقاسم ثرواته الكثيرة، وهي لعبة قذرة تلعبها أطراف غربية بالأصالة، وتلعب لحسابها أطراف داخلية دارفورية ودول أفريقية مجاورة بالوكالة. وأما البعد الإنساني للمسألة فهو مجرد مبرر لتغليف تلك الأطماع الغربية الرخيصة. عبد الشفيع آدم – الخرطوم