تساءلت في هذه الزاوية في يناير 2006 بعد أن تشكلت حكومة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" (ماذا ستفعل حكومة محمد بن راشد؟)... وها هي الإجابة بعد 14 شهراً واضحةً وعظيمةً تجعلنا نشعر بالفخر من إنجاز الحكومة لاستراتيجيتها التي تضع الإمارات أمام تحديات تحقيق أهدافها ورؤاها بصورة منهجية وعلمية واضحة... وبلا شك أن إنجاز هذه الاستراتيجية نابع عن حاجة الإمارات لها بعدما ما حققته من نجاحات في مختلف الأصعدة، لذا صار من الضروري أن تكون لها استراتيجية واضحة ككل الدول المتقدمة حتى تستطيع من خلالها تحقيق أهداف الدولة وتوفير الرفاهية لمواطنيها... وما يزيد من أهمية وجود استراتيجية اتحادية للدولة هو رغبة القيادة والشعب في أن تصل الإمارات إلى المراتب الأولى بين دول العالم، وهذا ما أكده الشيخ محمد بن راشد أثناء إعلانه عن ملامح الاستراتيجية، فليس من الممكن أن تتقدم أية دولة لا تمتلك تصوراً ولا خطة واضحة لأدائها ولا تمتلك أهدافاً محددة يعمل الجميع من أجل تحقيقها، لذا فإن هذا الإعلان هو بداية الدخول في مجال المنافسة والخطوة الأولى لتحقيق هدف الريادة لدولة الاتحاد... كيف لا يكون ذلك ومن يتولى تنفيذ الاستراتيجية هو الشيخ محمد بن راشد وهو الرجل القوي الأمين الذي يعتمد عليه في هذه المهمات. بعد جولاته الميدانية في كل الإمارات خلال السنة الأولى لرئاسته لمجلس الوزراء، والتي زار فيها كثيراً من المنشآت الخدمية والصحية والتعليمية والاجتماعية في جميع إمارات الدولة، كان من الطبيعي أن يتوج الشيخ محمد بن راشد كل ذلك باستراتيجية واضحة نابعة من أرض الواقع ومعتمدة على الحقيقة التي رآها بأم عينيه ولمسها بيديه... لذا كانت الاستراتيجية التي أعلن عنها بمحاورها التي تغطي ستة قطاعات رئيسية هي: التنمية الاجتماعية، التنمية الاقتصادية، تطوير القطاع الحكومي، العدل والسلامة، البنية التحتية، وتنمية المناطق النائية... إنها استراتيجية واقعية مرحب بها من الجميع، لأنها لامست أغلب الأمور التي تهم الوطن والمواطن... وأجمل ما في هذه الاستراتيجية أنها برهنت على أن الإنسان هو المحور الرئيسي فيها، وأن بناء المواطن الهدف الحقيقي والغاية التي تبرر استخدام كل الوسائل المشروعة من أجل تحقيقها. من الأمور الملفتة التي أدت إلى ارتياح المواطنين الذين حضروا إعلان الاستراتيجية أو أولئك الذين تابعوها عن طريق وسائل الإعلام ما قام به الشيخ محمد بن راشد أكثر من مرة أثناء الإعلان عن الاستراتيجية من محاولة لتعزيز ثقة المسؤولين في أنفسهم وتعزيز ثقة القيادات الشابة في أهمية دورهم عندما كان سموه يخاطب صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" ويقول له: "هؤلاء أسود يمكن الاعتماد عليهم في بناء الوطن لتنفيذ وتحقيق الأهداف"، وكأنه يقول بأن ليس بالأوراق ولا بالأموال ولا بالخطط وحدها تتقدم الدول وإنما بالإنسان الذي يعرف كيف يستفيد من كل تلك الأمور... وصاحب السمو رئيس الدولة بحكمته المعهودة أكد ثقته الكبيرة بالشيخ محمد بن راشد وأبنائه المواطنين، وأكد على أنه واثق من أنهم قادرون على تحمل المسؤولية وتنفيذ هذه الاستراتيجية في وقت قياسي، وهذه من مظاهر مرحلة التمكين التي نعيشها في الإمارات تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"... وهذا التناغم بين القيادة وأبناء الشعب من مسؤولين مواطنين أمر مهم ولا نشك أنه سيساهم في تحقيق أهداف الاستراتيجية بشكل أسرع وأفضل... ومن شانه أن يحول الوزارات والمؤسسات الاتحادية إلى ورش عمل حقيقية لن يهدأ فيها العمل... وابتداء من اليوم يجب أن يعرف كل موظف ويفهم الاستراتيجية الاتحادية ليساهم في إنجاحها. لا يمكن إلا أن أطلق على حكومة الشيخ محمد بن راشد الأولى بأنها حكومة إعادة الروح للمؤسسات والوزارات الاتحادية، وإعادة الهيبة للموظف الاتحادي الذي فقد كثيراً من احترامه خلال العقد الماضي بسبب تأخر مؤسساته عن ركب التطورات العالمية والمحلية بسبب البيروقراطية، التي كانت تعاني منها المؤسسات الاتحادية، والتي يفترض أن تزول ليحل معها أسلوب عمل حديث وأداء حكومي متميز يجعل المؤسسات الاتحادية في مستوى المؤسسات المحلية وشركات القطاع الخاص. يأتي إعلان ملامح الاستراتيجية الاتحادية للإمارات، ليؤكد من جديد أن اهتمام الجيل الثاني من حكام دولة الاتحاد بتقوية هذا الكيان لا يقل عن اهتمام الآباء المؤسسين وإن كان يختلف في الطريقة والأسلوب والآليات... هذه الاستراتيجية التي أعلنها يوم الثلاثاء الماضي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" بحضور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" واخوانهما حكام الإمارات وبحضور الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تؤكد وتبيّن مدى الاهتمام والتمسك بدولة الاتحاد، ومدى الرغبة في تقوية هذا الاتحاد، الذي يعتبر المظلة القوية والرئيسية للحفاظ على إنجازات كل إمارة من الإمارات السبع... كما أن الاستراتيجية توضح مفهوم دولة الاتحاد ودور المؤسسات الاتحادية بشكل واضح دون لبس وقد يقبلها البعض وقد يرى البعض أنها أقل من المأمول وربما يرى آخرون أنها أكثر من المطلوب في هذه المرحلة... ومهما اختلفت الآراء فهذه هي خطة الوطن بأكمله والتي يجب أن يعمل الجميع من أجل تحقيقها خلال السنوات المقبلة من عام 2008 وحتى عام 2011... ويفترض أن يكون الجميع شركاء في تحقيق خيار تقوية دولة الاتحاد هذا الخيار الذي أكد رئيس الدولة ونائبه على الحفاظ عليه وقد صار من غير الممكن التراجع عنه أو التهاون في التمسك به. لا شك أن حضور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات وأولياء العهود وجميع وزراء الحكومة وحضور رئيس وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي وكبار المسؤولين الحكوميين في الدولة– سواء الاتحاديين منهم أو المحليين- هو دليل على الاهتمام الكبير بهذه الاستراتيجية ودليل على رغبة الحكومة في إنجاحها. الشيخ محمد بن راشد خاطب المواطنين قائلاً: "هذه الاستراتيجية منكم ومن أجلكم ونجاحها يعود إليكم"... فمن لا يريد أن يكون شريكاً في استراتيجية الاتحاد؟! من لا يريد أن يكون عنصر بناء في هذه المرحلة الجديدة من تاريخ دولة الاتحاد؟! نحن مقبلون على "إمارات جديدة" لذا يجب أن يفهم كل مواطن هذه الحقيقة، وبالتالي نكون مستعدين للتعامل معها بطريقة سليمة وأن يتحمل كل مواطن مسؤولياته كاملة تجاه مستقبل الإمارات... إنها إمارات جديدة كما نريدها جميعاً كما كنا نتمناها منذ سنوات فهل نستطيع أن نكون معها وفيها على قدر المسؤولية... الدولة تحاول أن تؤدي ما عليها فهل يفعل المواطنون ما عليهم؟ رحل المؤسسون الكبار، وها هم أبناء زايد وراشد يكملون المسيرة بما يتلاءم ومتطلبات المرحلة وتطورات العصر... أعتقد أن المؤسسين راضية أرواحهم، مطمئنة أنفسهم بما يقوم به أبناؤهم اليوم لاستكمال مسيرتهم وهم يثبتون أنهم على مستوى المسؤولية... وقادرون على المحافظة على دولة الاتحاد وإنسان الاتحاد.