تشير "حبيبة يارادوا" شقيقة الرجل المرجح أن يصبح رئيسا لنيجيريا، إلى صورة بهتت ألوانها، تصور أخاها عندما كان طفلاً وهو يرتدي بزة وقبعة من نفس اللون ويبتسم في خجل أمام المصور. وجه الشقيق "أوماروا موسى يارادوا" يطل الآن من الملصقات الانتخابية المعلقة في كل مكان في نيجيريا، الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في أفريقيا، والتي تستعد الآن لشيء لم يسبق له أن حدث في القارة السمراء من قبل، وهو نقل السلطة من حاكم مدني إلى حاكم مدني آخر من خلال انتخابات حرة. وقبل أن ينتخب الحزب الحاكم "يارادوا" كي يكون مرشحه في انتخابات الرئاسة القادمة،لم يكن هناك سوى عدد قليل من الأفراد الذين انتبهوا إلى أهمية ذلك الرجل المسلم، ذي الصوت المنخفض، الذي كان يشغل منصب حاكم ولاية "كاتسينا" التي تعد من الولايات النائية جداًَ في نيجيريا، والذي دفع ترشيح الحزب له البعض للقول إن الرئيس الحالي"أولسيجون أو باسانجو" قد اختاره خصيصاً كي يكون مخلبا له. ولكن أخته "حبيبة" تقول إن من الخطأ أن يتم التقليل من شأن أخيها وأنه "قادر على أن يفعل ما لا يتوقعه الناس منه". وإذا ما مضت الانتخابات المقرر إجراؤها الأحد القادم في هدوء، فإن نيجيريا وهي الدولة الخامسة في العالم في إنتاج البترول سيكون لها رئيس جديد. ولكن ذلك يظل مجرد افتراض، خصوصاً إذا ما علمنا أن المئات قد لقوا مصرعهم في أحداث العنف التي تفجرت في فترة ما قبل الانتخابات، وأن 21 شخصاً آخرين قد لقوا مصرعهم في انتخابات الولايات والانتخابات المحلية السبت الماضي فقط. وعلى الرغم من أنه لم يتبق سوى أيام قليلة على انطلاق الانتخابات، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان نائب الرئيس"عتيكو أبوبكر" سيكون قادراً على خوض تلك الانتخابات أم لا. ويذكر في هذا السياق أن اللجنة الانتخابية قد قررت مؤخراً حرمان "أبوبكر" من خوض السباق الانتخابي على خلفية اتهامات بالفساد يُصر هو على إنكارها، وأن المحكمة العليا كان مقرراً أن تبت بشأن هذا الأمر أول من أمس الاثنين لتحديد ما إذا كان سيُسمح لـ"أبوبكر" بخوض الانتخابات بالنيابة عن حزب "مؤتمر العمل المعارض" أم لا. ويخشى البعض من أن يؤدي القرار في حالة اتخاذه إلى إطلاق المزيد من موجات العنف. وخلال الزيارات التي قام بها لمختلف أرجاء البلاد قرب انتهاء فترة ولايته، حرص الرئيس الحالي"أوباسانجو" على تقديم "يارادوا" في تجمعات أنصار الحزب، وعلى رفع يده كإشارة لإعلان تأييده ومناصرته له. وخلال تلك التجمعات بدا الفارق بين الرجلين على منصة الخطابة، واضحا حيث كان "أوباسانجو" بجسمه الضخم وحركته الدائبة على المنصة ومخاطبته بصوته الجهوري للجماهير بلغة هجينة تجمع بين الإنجليزية وبين اللهجات المحلية يغطي تماماً على وجود "يارادوا" وصوته الخفيض. وخلال مقابلات أجريت مع "يارادوا" في الآونة الأخيرة بدا الرجل مفرطاً في المجاملة والتوقير لشخص "أوباسانجو"، كما بدا شديد التواضع، وخالياً من أي ادعاء، وحريصاً في عباراته التي كان يتفوه بها بهدوء وبعد تفكير طويل. وخلال تلك المقابلات أكد الرجل على أهمية المناقشة، والمعلومات الدقيقة، والمساعدين الأكفاء واحترام القانون والنظام، باعتبارها عناصر لحل المشكلات المزمنة التي تعاني منها نيجيريا. و"يارادوا" المسلم المخلص هو واحد من 12 حاكماً للولايات الإسلامية قاموا بتطبيق الشريعة في ولاياتهم. ويذكر في هذا السياق أن الرجل قد اجتمع بالأسقف الأنجليكاني"بيتر أكينولا" كي يؤكد له إنه إذا ما انتخب رئيساً فإنه سيعمل على حماية الحريات الدينية لسكان نيجيريا البالغ عددهم 140 مليونا والذين ينقسمون بالتساوي بين الديانتين الإسلامية والمسيحية. وبصرف النظر عن الترشيح المحتمل لأبوبكر، فإن المتحدي الآخر الرئيسي لـ"يارادوا" هو "محمدو بوهاري"، وهو الآخر ينتمي إلى ولاية "كاتسينا"، وسبق له أن ذاق طعم السلطة، عندما عمل كحاكم عسكري للبلاد في منتصف الثمانينيات، واشتهر آنذاك بصرامته في التعامل مع الفساد. ويقول منتقدو "يارادوا" أنه مجرد دمية في أيدي "أوباسانجو" وأنه قد تم انتقاؤه خصيصاً من المجهول، لكي يلعب دور البطولة في فيلم يدير خيوطه الرئيس الحالي "أوباسانجو" حتى بعد خروجه من الحكم. ويقول هؤلاء المنتقدون في معرض التدليل على صحة رأيهم أن "يارادوا" قد كسب ترشيح حزب الشعب الديمقراطي الحاكم بعد تدخل "أوباسانجو" شخصياً، وأنه ما كان من الممكن بدون ذلك أن يفوز "يارادوا" في الترشيح لانتخابات الرئاسة في وجه المنافسين الآخرين الأقوياء في الحزب. ويقول "تشارلز دوكوبو" المحلل السياسي لدى المعهد النيجيري للشؤون الدولية أن تدخل "أوباسانجو" في الترشيح يعرض مصداقية الانتخابات الرئاسية للخطر حتى قبل أن تبدأ. ويقول دوكوبو:" يبدو، وكأن "أوباسانجو" يريد أن يفرض إرادته ويحدد من الذي يحكم نيجيريا، وهو ما يمكن أن يجعل من الانتخابات مسألة صورية". غير أن "يارادوا" أدلى بتصريح من قاعدته الانتخابية في العاصمة "أبوجا" قال فيه إنه لن يكون مخلباً لأي أحد، ولن يكون إلا نفسه، كما قلل من احتمال أن يتمكن "أوباسانجو" من الاحتفاظ بنفوذ له إذا ما تم انتخابه رئيساً. وأضاف "يارادوا" أيضاً قوله:"إنني مندهش من أن هناك أناساً يقولون مثل هذه الأشياء... فليس من الممكن أبداً أن يتمكن أي رجل من أن يحكم دولة فيدرالية بالنيابة عن شخص آخر. فهذا الأمر ببساطة لا يمكن أن ينجح". ويقول أنصار "يارادوا" عنه إنه رجل عملي وذكي، وإنه ليس من النوع الذي يمكن لأحد أن يتحكم فيه أو يوجهه حسب هواه إذا ما انُتخب رئيساً. ويشيرون في معرض التدليل على صواب حجتهم بسجل الرجل في مقاومة الفساد في "كاتسينا"، والذين يقولون إنه يقدم مؤشراً على الطريقة التي سيتعامل بها مع الفساد إذا ما تم انتخابه خصوصاً وأن الفساد يعتبر في نظر الكثيرين من أكبر المعوقات التي تقف في طريق نمو الاقتصاد القومي النيجيري. سارا سيمبسون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مراسلة "كريستيان ساينس مونيتور" في كاتسينا- نيجيريا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"