يمكن إدراج "استراتيجية الإمارات" التي أعلنها أمس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في خانة الأحداث البارزة التي شهدتها دولة الإمارات، باعتبارها أول خطة منهجية بهذا المستوى، تتم بلورتها في الإمارات، منذ قيام اتحادها عام 1971. وباعتبار أن هذه الاستراتيجية أيضاً، مرحلة جديدة من العمل الوطني في دولة الإمارات، التي تتم مناقشتها بهذه الطريقة، وهي تعتمد على تطوير الأداء والارتقاء، بمؤشرات الأداء وتعزيز المقدرة التنافسية، كي تلامس سقف التنافسية العالمية. "الاستراتيجية" تمثل أحد المتطلبات المهمة للحفاظ على ما حققته الدولة من نمو في كافة المجالات التنموية، وهي خطوة تبعث على الأمل والتفاؤل بالنجاح، لأكثر من سبب. للمرة الأولى، تعلن حكومة عربية خطتها الاستراتيجية التنموية علناً وبالتفصيل. وتهدف الحكومة من هذه الاستراتيجية، إلى أن تكرس مكانة الإمارات كدولة متميزة على خريطة النجاح التنموي في العالم أجمع. وواضح من هذه الاستراتيجية أن خططها تتوزع لتشمل المجالات كافة، وتهدف لتحقيق نمو جزئي في كل مجال، بما يصب في النهاية في خانة الأهداف النهائية أو الإجمالية للاستراتيجية، وفق التوقعات والاحتمالات المبنية على الدراسات الدقيقة. وتسعى الاستراتيجية في الواقع إلى التركيز على مواجهة التحديات، التي كشفت عنها بالأرقام والإحصائيات الدقيقة، دون خوف أو تردد. ورغم أن الأرقام تساعد على تقريب الواقع وسلامة التقديرات، فإنها كذلك لا تغفل إمكانية المحاسبة والنقد التي يمكن أن تواجهها الحكومة، من المراقبين أثناء مقارنة الإنجازات بالخطط والتقديرات. الجدية تقتضي استشراف المستقبل، والتخطيط له، بالأرقام والإحصائيات والاستراتيجية التي أعدتها ستة فرق، من وزارات مختلفة وحضر إعلانها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة وحكام الإمارات وعدد كبير من المسؤولين، تؤكد على أهمية الأرقام والإحصائيات في التصدي للتحديات، وتعكس ثقتنا بأنفسنا ومقدرتنا على رسم مستقبلنا، بدقة وشفافية ووضوح. دولة الإمارات كانت بحاجة إلى خطة استراتيجية، خاصة بعد أن حققت الكثير من الإنجازات في مختلف قطاعات التنمية، إذ لم يعد من السهل القبول بتنفيذ طموحات مرحلة التمكين من دون استراتيجية واضحة المعالم والأبعاد مدركة للتحديات كافة، لذا فإن ما أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، يدعو للاطمئنان والارتياح. غياب الخطط الاستراتيجية، هو العدو الأبرز للنجاح، وهو المهدد الرئيسي لمواصلة مشوار الإنجازات، في حين أن الخطط المبنية على الدراسات المنهجية والإحصاءات، وإشراك أكبر شريحة ممكنة من الباحثين والمسؤولين في البحث والدراسة والتخطيط، يضمن فهماً عميقاً للقضايا ويوفر لصانعي القرار المقدرة على لملمة الرؤى المتفرقة ورسم صورة متكاملة لمجتمع أفضل. ويعني إعلان هذه الاستراتيجية أيضاً، أن هناك تحديا جديدا لوزراء ومسؤولي الحكومة، لتنفيذ رؤية وضعت بأيديهم ويتلهف الجميع كي تبصر النور؛ ففي تقديري أن جميع أعضاء الحكومة ورؤساء الهيئات والمدراء، أمام اختبار غاية في الأهمية. ويتمثل هذا الاختبار في رسم "خريطة طريق" دقيقة وواضحة المعالم والتفاصيل لتنفيذ كل هدف من أهداف الاستراتيجية. وإذا كانت الخطة الاستراتيجية، مرشداً لتنفيذ السياسات، فإن درايتنا الكاملة بمنهجية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي خاض تجارب إدارية عميقة تجعلنا نطمئن لمرحلة التنفيذ. في عالم اليوم، ولكي تخوض تنافساً مع الآخرين، كما بينت تجارب العديد من الدول، يجب أن تتوفر لديك عناصر رئيسية أهمها: الخطة الاستراتيجية التي تساعد على تنفيذ تلك الخطط. والثاني كفاءات بشرية مدربة تدريباً حقيقيا على تنفيذ الخطة. وقد تجادل المتخصصون والإعلاميون طويلاً حول الاستراتيجية، منذ الإعلان عنها في وسائل الإعلام، واتفق الجميع على أنها ستدفع إلى الاهتمام بالثروة البشرية الإماراتية، من ناحية تمكين المواطنين والمواطنات وتأهيلهم تعليمياً وتدريبياً للمساهمة في العملية التنموية، كما ستكون نتائجها إيجابية لجهة تقليص حجم التباين في مستوى التنمية بين مختلف المناطق في الدولة.