لقد حان الأوان بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة جورج بوش كي يواجه الواقع، ويتخذ قرارات صعبة بخصوص مستقبل التدخل الأميركي في العراق. فأمام الرئيس خياران أساسيان: إما إن يُظهر زعامة حقيقية تتجاوز الحساسيات الحزبية وتسعى لإيجاد أرضية مشتركة بخصوص إنهاء التدخل الأميركي في الحرب الأهلية الدائرة في العراق، وإما أن يستمر في تقسيم البلد عبر التمسك بسياسات أثبتت فشلها. خلال الأيام القليلة المقبلة، سيبعث الكونجرس بتشريع يوفر تمويلاً لقواتنا ويحدد الأولويات الاستعجالية التي تواجه بلدنا. وسيوفر مشروع قانوننا هذا الموارد الضرورية لجنودنا في الميدان، كما سيحسن مستوى الخدمات الطبية التي يتلقاها الجنود العائدون من الحرب وقدماء المحاربين. لقد زعم الرئيس –بطلاناً- بأن الكونجرس يتعمد على نحو ما التلكؤ وتأخير المصادقة على تمويل قواتنا. غير أن الحقيقة هي أننا ناقشنا هذا التمويل الاستعجالي وفق جدول زمني أسرع مقارنة مع الطلبات السابقة التي مُررت عندما كان "الجمهوريون" هم الأغلبية في الكونجرس. وهكذا، سيجد الرئيس مشروع القانون هذا على مكتبه قبل نهاية هذا الشهر. وحينها سيكون الخيار خياره، فإما أن يستعمل "الفيتو" لتعطيل هذا التمويل، وإما أن يوقع مشروع القانون ويُحوله بالتالي إلى قانون. والحقيقة أن مشروع القانون لا ينص على خفض التمويل المخصص لقواتنا؛ إذ يوفر الكونجرس بموجبه نحو 100 مليار دولار لرجالنا ونسائنا في الزي العسكري، من أجل تزويدهم بالأذرع الواقية والمَركبات الخاصة المدرعة، وهو ما فشلت الإدارة الحالية في القيام به. كما سنعمل على تعزيز وتحسين مستوى العناية الصحية التي يتلقاها جنودنا وقدماء محاربينا، وهو ما لم تقم به الإدارة الحالية أيضاً. وإضافة إلى ذلك، يصوغ الكونجرس، في إطار مشروع القانون المذكور، إستراتيجيةً مسؤولة تروم تمكين العراقيين من السيطرة على الأوضاع في بلدهم؛ ويشدد على مستوى أكبر من المحاسبة والمسؤولية بالنسبة لإدارة بوش والحكومة العراقية. ولعل المهم أيضاً في مشروع القانون هو تحديده لإطار لبدء إعادة نشر قواتنا المسلحة المرابطة في العراق في مناطق حيث يمكنها مواجهة أخطر التهديدات التي تواجه بلدنا والمنطقة على نحو أكثر فعالية. وبموازاة مع عملية إعادة الانتشار هذه، ستكون ثمة جهود متجددة لتدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية وحشد دعم جهوي ودولي للحكومة العراقية. الواقع أن مشروعي القانون الخاصين بمجلس النواب ومجلس الشيوخ يسلكان طريقين مختلفين لبلوغ هذا الهدف؛ غير أن كليهما يعترف بأن الشعب الأميركي لا يدعم احتلالا عسكرياً أميركياً للعراق إلى ما لا نهاية. ذلك أن الأميركيين لا يرغبون في أن يَعلق جنودنا في الحرب الأهلية العراقية؛ ولا يرغبون في أن يكون وجودنا في العراق سبباً في المزيد من أعمال العنف، ليس في العراق فحسب، وإنما عبر منطقة الشرق الأوسط برمتها. لقد استجاب الكونجرس لقلق وانشغالات الشعب الأميركي، فرسم اتجاهاً جديداً يزود الحكومة العراقية بالمحفزات اللازمة لمواصلة المصالحة السياسية الحقيقية. وقد بعث الأميركيون برسالة واضحة إلى واشنطن مؤداها أنه آن الأوان كي يتم البدء في إعادة الجنود الموجودين في العراق إلى الوطن. وبالتالي، ففي حال عارض بوش مشروع القانون هذا، فإنه سيكون بذلك قد أدار ظهره لرغبات الأمة المعبر عنها بوضوح. الأسبوع الماضي، أعلن وزير الدفاع "روبرت جيتس" تمديد مهام قواتنا في العراق والقوات التي من المقرر نشرها إلى 15 شهراً. ويأتي هذا الإعلان بعد إعلان مماثل صدر عن البيت الأبيض، يفيد بإعادة الآلاف من الجنود الأميركيين إلى العراق في إطار مهام تم تمديدها، بدون منحهم ما يكفي من الوقت لأخذ قسط من الراحة وتلقي العلاج وإعادة التدريب. إن مثل هذه المخططات، والمزايدة السياسية، والتهديدات باستخدام "الفيتو" تُعرض قواتنا لخطر غير ضروري. ومن غير المقبول أن يحاول البيت الأبيض اليوم إلقاء اللوم على الكونجرس وتحميله مسؤولية الفشل في مراقبة الحرب. لقد قال الرئيس بوش في مناسبات عدة إن الالتزام الأميركي تجاه العراق ليس مفتوحاً إلى ما لا نهاية. وقد آن الأوان اليوم كي يثبت للأميركيين أن كلماته ليست كلمات فارغة لا معنى لها. كما عبَّر الرئيس أيضاً عن التزامه بتحسين حياة قدماء محاربينا. إذا اختار الرئيس العمل مع الكونجرس– الذي يعد ممثل الشعب- فيمكننا أن نتوصل إلى حل توافقي بين الحزبين الرئيسيين، يوحد البلاد بدلاً من أن يقسمها، ويستجيب في الوقت نفسه لانتظارات وحاجيات الشعب الأميركي. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ روبرت بايرد سيناتور "ديمقراطي" من ويست فرجينيا، رئيس لجنة المخصصات المالية التابعة لمجلس "الشيوخ" ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ديفيد أوبي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نائب "ديمقراطي" من ويسكونسن، رئيس لجنة المخصصات المالية التابعة لمجلس النواب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"