تفجيرات الجزائر والدار البيضاء... هل تُدخل "لوبن" قصر الأليزيه؟! سجالات الحملة الانتخابية الفرنسية، وتداعيات تفجيرات الجزائر والدار البيضاء فرنسياً، وتفجر فضيحة فساد "بول وولفوفيتز"، موضوعات ثلاثة نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الفرنسية. الرئاسيات... و"تحالفات" اللحظة الأخيرة: أشار أحد آخر استطلاعات الرأي العام الفرنسي نشرته مجلة "لوبوان" أمس، ونحن على بعد أسبوع من انتخابات الدور الأول، إلى استمرار تقدم مرشح اليمين التقليدي نيكولا ساركوزي بحصوله على 29.5% من "نوايا التصويت"، في حين حصلت المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال على 24.5%، وحصل مرشح "الوسط" فرانسوا بايرو على 17.5%، مقابل 14% لمرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن. وإذا عرفنا أن 40% من الناخبين ما زالوا لم يقرروا بعد لمن سيصوتون، فإن هذه الأرقام تكاد لا تعني شيئاً من الناحية العملية، ومن ثم فإن خطابة الحملة الانتخابية ما زالت لم تفرز بعد مرشحاً مضمون الوصول إلى الشوط الثاني. ولعل هذا ما يفسر احتدام المناورات السياسية في آخر لحظة الآن، وكان من ضمنها دعوة السياسي الاشتراكي ورئيس الحكومة الأسبق ميشل روكار مرشحة حزبه و"شعب اليسار" عموماً للتحالف مع فرانسوا بايرو، في حين ما زال آخرون من "شعب اليمين" يدعون للتحالف بين ساركوزي ولوبن، حتى من الدور الأول. ورداً على هذه الدعوات كتب ألكسيس بريزيه افتتاحية في صحيفة لوفيغارو بعنوان: "الزواجات الكاذبة" ذهب فيها إلى استحالة تحالف أي من الطرفين، للتناقضات الجوهرية والمصلحية السياسية بين هذه الأطراف الأربعة. فلو تحالفت رويال وبايرو، فسيخسران سلفاً وسيتفكك حزباهما، وسيتسرب منهما ناخبوهما بعد أن يصبحوا عاجزين عن التعرف على اتجاههما السياسي. ولو قدر لدعوة روكار أن ترى النور فإن تفاهماً كبيراً كهذا يقفز على بوصلة الأيديولوجيا، وبهذه الطريقة، لا يمكن أن يتم إلا بعد الرئاسيات، وبشرط وصول أحدهما إلى السلطة، بحيث تصبح رئاسته رافعة لهذا "التحالف" العجيب. أما بالنسبة للثنائي ساركوزي ولوبن فإن إمكانية تحالفهما أبعد بكثير لأن زعيم "الجبهة الوطنية" لن يجد مصلحة في ذلك، لأن من شأنه إذابة ناخبيه في تيار اليمين الأعرض، خاصة أنه ما زال يشكو بمرارة من "سرقة" ساركوزي لبرامجه السياسية. كما أنه فتح الآن جبهة هجوم جديدة على ساركوزي بالإشارة إلى استحالة ترؤسه لفرنسا، وهو "ابن المهاجر المجري". أما هذا الأخير فقد هاجم هو أيضاً "الجبهة الوطنية" وزعيمها العجوز، ووعد ناخبيه بألا يدخل قصر ماتينيون –مقر الحكومة- أبداً أي وزير من حزب لوبن. وفي "لوبروجريه" كتب فرانسوا بروشيه افتتاحية أثار فيها أيضاً هجوم لوبن على جبهة "أصول ساركوزي المجرية"... وكان يمكن أن يضيف... واليهودية، يقول الكاتب. وفي "لاكروا" كتب "دومينيك جيربو" افتتاحية تساءل فيها: هل سيحدِث لوبن مفاجأة هذه المرة أيضاً؟ مجيباً أن عنصر القوة لديه هو أن الجميع يعرفونه ويعرفون اتجاهه وبرامجه، بعكس جميع المرشحين الآخرين. أما صحيفة "لومانيتيه" الشيوعية فقد شنت حملة على الدعوة إلى عقد تحالف يميني بين ساركوزي ولوبن معتبرة أن قيام تحالف كهذا سيكون وصفة لبزوغ غد أسود على فرنسا. فالأول "يسطو" بانتظام أفكار ملياردير اليمين المتطرف، في حين أن الثاني معجب في قرارة نفسه بعقوق ساركوزي لولي نعمته الرئيس شيراك. والأهم من هذا كله أنهما يغذيان معاً حملتيهما بأوهام قضايا "الهجرة" و"الأمن"، للتمويه على نيتهما تقويض دعائم السلام الاجتماعي في البلاد. وأخيراً نجد في لوموند مقالاً لباتريك جارو يقرأ من عنوانه تماماً: "عدو الشعب رقم واحد"، والمعني بذلك –كما يمكن أن نتوقع- هو لوبن طبعاً، وهذا مجرد مؤشر على المدى المحموم الذي وصلته سجالات الحملة الآن. فرنسا وخطر "القاعدة": حضرت تفجيرات الجزائر والدار البيضاء الأخيرة بقوة في افتتاحيات الصحف الفرنسية. في صحيفة ليبراسيون كتب "جيرار ديبوي" افتتاحية قال فيها إن من يرى تفجيرات الجزائر يعرف أن فرنسا باتت في دائرة الخطر، فـ"قعْدنة" المجموعات الإرهابية المغاربية لا تحمل لفرنسا إلا أسوأ التهديدات. ومع أن باريس والعواصم المغاربية تتحدث كثيراً عن التنسيق الأمني فإن الجهد المبذول في هذا الاتجاه ما زال أكثر حضوراً في لغة الخطابة منه على أرض الواقع. وفيما يتعلق بإسقاطات التفجيرات السياسية على الحملة الانتخابية لاشك أنها تخدم حملتي ساركوزي ولوبن، لأن موضوعي الهجرة والأمن يتصدران ديباجات حملتيهما الانتخابيتين، وتزداد الخطورة إذا عرفنا أن لوبن هو الأكثر دقاً على خطر "الهجرة" و"الأمن"! وفي افتتاحية بصحيفة لوفيغارو اعتبر بيير روسلين أنه لا مجال للتشكيك في هوية من يقف وراء هجمات الجزائر، فاختيار انتحاريين، وتزامن التفجيرات، واختيار يوم 11 أبريل –في إشارة إلى 11 سبتمبر في نيويورك و11 مارس في مدريد- كل ذلك يطبع بوضوح بصمات منظمة بن لادن الإرهابية على هذه الهجمات. ويرى الكاتب أن الخطر "القاعدي" لا يقف إقليمياً طبعاً عند حدود هذه الدولة أم تلك، بل إن كل الدول المغاربية باتت الآن مستهدفة. أما في افتتاحية "لا نوفل ريبيبليك" فقد اعتبر "فرانسوا تارتارين" أن فرنسا تقع بنفس الدرجة في دائرة الخطر خاصة أن الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري هدد صراحة فرنسا في ديسمبر الماضي. وهو ما حذر منه القاضي الفرنسي الشهير في شؤون الإرهاب "جان لويس بيرجيير" ووزير الداخلية "فرانسوا باروين"، واعتبراه خطراً قائماً وجدياً في سياق حملة الرئاسيات الفرنسية الجارية الآن. وهذا ما يؤكده أيضاً برنار ريفل في افتتاحية "ليندبندان دو ميدي"، في إجابته على سؤال: "هل سيعبر هذا العنف المتعصب البحر المتوسط؟"، مشيراً خاصة إلى تزامن هجمات مدريد مع الانتخابات الأسبانية ساعتها، وهجمات لندن مع توقيت اختيارها لاستضافة الألعاب الأولمبية لسنة 2012. سقوط "وولفوفيتز": صحيفة لوموند عنونت افتتاحيتها ليوم أمس السبت "رحيل وولفوفيتز"، وقالت فيها إن مصداقية وولفوفيتز تآكلت بشكل لم يعد يسمح له بالبقاء على رأس البنك الدولي. فقضية فساده الأخيرة أجهزت على فرص بقائه في هذا المنصب الذي ظل البيت الأبيض يحرص على تخصيصه لأبناء أميركا الشمالية حصراً، في حين ينال الأوروبيون رئاسة صندوق النقد الدولي. ونظراً لأن الأوروبيين يسهمون بـ32% من رأسمال البنك، في مقابل 16% فقط للأميركيين، فإنه يتعين عليهم الضغط من أجل دفع وولفوفوفيتز إلى الاستقالة طوعاً، وإن لم يستقل العمل على تنحيته كرهاً. فهو إضافة إلى كونه أحد "المحافظين الجدد" ظهر إلى الأضواء أصلاً باعتباره ضمن حاشية الرئيس بوش، وهي الوضعية التي استغلها للوصول إلى منصب نائب وزير الدفاع، ومن ثم هنْدسة حرب العراق. ومنذ مجيئه المفاجئ إلى رئاسة البنك الدولي ظل وولفوفيتز يتصرف بطريقة أحادية تسلطية، كما أحاط نفسه بـ"حرس" من الشخصيات القريبة من توجهه، حتى ولو كان استوردها من الخارج. ومع أن اللافتة العريضة التي رفعها دائماً هي مكافحة الفساد في الدول النامية، إلا أن هذه اللافتة هي ما انقلب عليه بشكل عكسي، حين ظهر الآن فساده هو. والعجيب أن بوش أعلن تزامناً مع تفجر هذه الفضيحة عن "ثقته" في "وولفوفويتز"، وإن هذا قد ينفع لتهدئة الأصوات داخل أميركا، فإن الاحتجاجات خارجها غير معنية بهذه "الثقة"، فقد دعا موظفو البنك بشكل جماعي إلى رحيل "وولفوفيتز". كما اعتبر الوزير الفرنسي "تييري بريتون" أن البنك الدولي "يستحق إدارة فوق الشبهات"، في حين تساءل وزير برازيلي عما إذا كان "وولفوفيتز" ما زال في وضع "أخلاقي" يسمح له بإدارة البنك؟ وهو سؤال تجيب عليه لوموند بوضوح: طبعاً لا. إعداد: حسن ولد المختار