حين أتأمل تلك المشاهد التي تنقلها الصور الإعلامية من مقديشو، وأرى درجة البؤس وآثار الدمار وأيدي الخراب هناك... أتساءل: أي هدف عساه يحرك قوة إقليمية كبرى مثل إثيوبيا إلى غزو الصومال والزج بأبنائها في ذلك المكان الخطر؟ الإجابة التي يقدمها بعض المحللين السياسيين والاستراتيجيين، تقول لنا مباشرة إن إثيوبيا تنفذ حرباً بالوكالة عن الولايات المتحدة الأميركية التي قررت العام الماضي أن الصومال أصبح ساحة لتنظيم "القاعدة" ومن ثم لابد من وضع اليد عليه. لكن حين همت بغزوه عادت إلى مخيلتها صور جثث الجنود الأميركيين مسحولة في شوارع مقديشو عام 1993، فتهيبت من مغامرة أخرى قد تفقدها ما تبقى من هيبتها في أفغانستان والعراق. ومن هنا جاءت فكرة إسناد المهمة إلى جارة الصومال الكبرى إثيوبيا... وبالفعل نفذت أديس أبابا المهمة بشهية واندفاع كبيرين. ومرة أخرى تكرر مشهد الجنود الغزاة المسحولين في شوارع مقديشو، وشاهده العالم على شاشات التلفزيون! أما الصوماليون، بمستوياتهم المعرفية المختلفة، فيقدمون إجابة من خبرتهم التاريخية، أي بالإشارة إلى العداء التقليدي المستحكم بين الصومال وإثيوبيا التي ما فتئت تحتل إقليم أوغادين الصومالي، والتي شنت أربع حروب على بلادهم خلال النصف الثاني من القرن العشرين، والتي تتصرف نيابة عن دوائر غربية لا تريد للصومال أن يظل كياناً مستقراً ومتجانساً لغوياً ودينياً وقومياً... إلى غير ذلك من الاتهامات التي يجدون كثيراً مما يبررها! لكنني لم أجد أبداً ما يبرر الصمت العربي، فالصمت في عالم السياسة والمواقف السياسية يعني الموافقة إن لم يترجمه البعض إلى تأييد فعلي! نائل محمد - القاهرة