قرأتُ مقال الدكتور محمد عابد الجابري المعنون: "علم الأصول... مفاهيم خاصة وأخرى جاهزة"، المنشور في هذه الصفحات يوم الثلاثاء 10 أبريل الجاري، وقرأتُ بعض مقالاته السابقة أيضاً الممهدة لهذا المقال، وأود التعقيب عليه ببعض الملاحظات. أولاً: يبدو منهج الدكتور غير متوائم مع الموضوع الذي يتناوله، لأنه مهج نصي حديث، في حين أن الموضوعات التي يتعامل معها لا تتناسب مع الدراسات النصية التي يقاربها الكاتب انطلاقاً من منهجها، بل يبدو أنسب أن يتعامل الباحث معها بمنهج فيه شيء من دراية القراءة التاريخية، وشيء آخر من رواية القراءة الدينية، والتسليم بصحتها سلفاً كمسلَّمات بعضها عرفاني وبعضها بياني، ثم بعضها الآخر برهاني، وأحسب أن الكاتب يعرف هذه التصنيفات جيداً وهو من وضعها في كتابه "نقد العقل العربي". ثانياً: المنهج عموماً ليس غاية وإنما هو مجرد وسيلة لمقاربة الموضوع المدروس، ولتيسير فهمه وتفسيره. ولكن الكاتب يعطي الانطباع أحياناً كثيرة بأن لديه منهجاً هو الثابت وأن ما يطبقه عليه هو ما يتغير، وهذا غير سليم معرفياً، ولا يخلو أيضاً من وثوقية منهجية. ثالثاً: أتمنى أن يترك الدكتور الجابري الأمور الدينية كعلم الأصول لأهلها، وللمتخصصين فيها. وأن يلتفت هو إلى الفلسفة التي هي تخصصه، لأن إبداعه الرائع في الفلسفة فيه هو أيضاً خدمة للفكر والثقافة في الوطن العربي. وأما أصول الفقه فهنالك كثير من الناس لا يفهمون المنهجية والطريقة اللتين يتعامل بهما مفكرنا الكبير معها، وهذا يخلق لبساً، وأحياناً يدفع البعض إلى سوء الفهم. منصور زيدان - دبي