في الأول من أبريل الجاري، احتفلت بمناسبة انتهاء العامين اللذين قضيتهما في مركز "والتر ريد" الطبي، فمثلي مثل العديد من المرضى الخارجيين الذين قضوا وقتاً طويلاً في التردد على هذا المركز،أو تلقى العلاج فيه، فإنني سعدت غاية السعادة بالمقال الذي نشرته "الواشنطن بوست" عن الأحوال البائسة السائدة في ذلك المركز، وعن التأجيلات والمماطلات والإحباطات التي يواجهها الجنود المصابون في تلقى العلاج أو استكمال الإجراءات التي تحدد ما إذا كانوا سيعودون إلى الخدمة أو إحالتهم إلى التقاعد. والعقبات البيروقراطية التي يواجهها الجنود المصابون لا زالت تمثل مشكلة كبيرة في هذا المركز حيث عانيت أنا شخصياً منها الكثير- كما عانى غيري لا شك. وفي اعتقادي أن الوقت الذي ستحتاجه أميركا من أجل إصلاح نظام تحديد نسبة العجز والذي على أساسه يتم تقرير استمرار الجنود في الخدمة أو تسريحهم منها سيتجاوز بكثير الوقت الذي ستحتاجه لإجراء عملية صيانة وتجديد شامل في المبنى رقم 18 بالمركز والذي تسود فيه القذارة والفوضى حسب ما ورد بالتفصيل في مقال لصحيفة "الواشنطن بوست". أما ما حدث معي، فهو أنني أصبت أثناء خدمتي في العراق في إحدى وحدات "الحرس الوطني"، وذلك في حادث تفجير سيارة مدرعة من نوع" همفي" كنت بداخلها، بسبب عبوة ناسفة وضعت على جانب الطريق وأسفر الحادث عن إصابة زملائي بإصابات خطيرة. أما أنا فقد أصبت بكسر في عظمة الفخذ، وبقطع في الشريان العضدي، وتلف في أعصاب الذراع الأيمن، وكسور في الأضلاع وأضرار في الرئة وأضرار في الدماغ بسبب صدمة الحادث. بعد ثلاث أيام من إصابتي تم إرسالي إلى مكان عرفت بعد أن أفقت من غيبوبتي أن اسمه "والترريد". في هذا المركز أجريت لي عدة عمليات جراحية إلى أن أصبحت قادرا على الانتقال من مكان إلى آخر بالكاد بواسطة كرسي متحرك. وبعد أن استقرت حالتي الصحية، انتظرت لعدة شهور حتى احصل على تقرير من لجنة تقييم العجز، يحدد ما إذا كنت سأعود إلى الخدمة مجدداً، أم أنه سيتم إعفائي من الاستمرار في الخدمة لأسباب طبية. من المعروف حسب القوانين الطبية العسكرية أن العسكري عندما يصاب بنسبة عجز 30 في المئة، فأنه تتم إحالته إلى التقاعد، حيث يبدأ في استلام راتب تقاعد شهري وتأمين صحي وغيرها من أنواع المزايا. وفي حالات أخرى يصرف للمقاتل مكافأة نهاية خدمة كمبلغ إجمالي بشيك واحد، وعندما يراجع دائرة شؤون العسكريين القدامى للحصول على المزايا والمنافع التي يحددها القانون، فإنه يقوم برد قيمة مكافأة نهاية الخدمة نظير الاستفادة بهذه المزايا والمنافع بشكل منتظم. منذ عام اعتقدت أنني سأعود إلى منزلي بعد أن جاء أخصائي للعظام، وأجرى تقييما لحالتي كخطوة أولى تبدأ بعدها الإجراءات الخاصة بتقدير نسبة العجز. ولكن الذي حدث أن الموظفة التي تعمل كضابطة اتصال مع لجنة تقييم نسبة العجز كانت في إجازة سنوية استغرقت شهرين، وبدلاً من تكليف ضابط اتصال آخر بمتابعة حالتي اضطررت إلى الانتظار لحين عودتها. وبعد عودتها لم يتحرك الأمر، مما دعا المحامي الذي وكلته إلى كتابة طلب إلى إدارة المستشفى يطالبه بالتعجيل في الأمر، كما اتصلت من جانبي بضابط الاتصال التابع لـ"الحرس الوطني"، الذي كنت أخدم فيه الموجود في "والترريد"، وطلبت منه متابعة الموضوع، كما قمت بالشكوى علناً في أحد الاجتماعات التي عقدت في مجلس المدينة. في شهر أكتوبر الماضي استلمت أخيراً تقرير نسبة العجز الذي قدر عجزي بنسبة 10 في المئة فقط ،مما دفعني للاحتجاج وإحالة الأمر إلى القضاء ولكن اللجنة التي شكلت لهذا الغرض لم تتوصل إلى نتيجة وطلبت أجراء المزيد من صور الأشعة. وفي فبراير الماضي، وبعد جهود مضنية، حصلت على تقرير آخر يحدد نسبة عجزي بثلاثين في المئة، ووقعت على ورقة باستلامي التقرير الخاص بذلك. ولكن ذلك لم يكن نهاية كل شيء حيث مررت بحلقة أخرى من المماطلات وضياع الأوراق، ولولا أنني قمت بتصوير كل الأوراق التي كانت موجودة بحوزتي كما نصحني بذلك بعض الزملاء لما تمكنت من إتمام معاملتي أخيراً بعد جهد جهيد. النظام الطبي في الولايات المتحدة ليس مفروضاً أن يكون نظاماً معاديا للجنود، ولكن ذلك هو الذي شعرت به في الحقيقة: لقد شعرت وكأنني كنت أخوض معركة أخرى في "والترريد". في النهاية حصلت على أوراق إحالتي إلى التقاعد ومن المتوقع أن أعود إلى حياتي المدنية الأسبوع القادم، وأتمنى ألا تضطرني الظروف أبدا للعودة إلى "والتر ريد" مرة أخرى لأي سبب من الأسباب. ــــــــــــــــــــــــ ضابط بالحرس الوطني الأميركي أصيب في العراق ـــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست".