لم يكن الرئيس الأميركي جورج بوش حاضراً يوم الاثنين الماضي للقيام بأول رمية "بيسبول" لهذا الموسم، وهو أمر درج الرؤساء الأميركيون على القيام به منذ عهد الرئيس "ويليام تافت" عام 1910. وليلة السبت الماضي، تخلف الرئيس عن تقليد آخر, حيث لم يشارك في حفل عشاء "جريديرون" السنوي– الذي يعد منذ 1885 مناسبةً للمسؤولين والصحافيين ليسخروا من بعضهم بعضاً ويحكوا نكاتاً وطرائف حول أنفسهم للآخرين. وقتها كان بوش منهمكاً بمنتجع كامب ديفيد في لعب دور المضيف أمام الرئيس البرازيلي "لويز إناسيو لولا دا سيلفا" وعقيلته. ويبدو أن البيت الأبيض لا يجد ما يحتفل به هذه الأيام بسبب انشغاله بالخلاف الذي يجمعه مع الكونجرس ذي الأغلبية "الديمقراطية" حول صلاحيات السلطة التنفيذية، حيث يرغب هذا الأخير في مساءلة موظفي البيت الأبيض بخصوص قضية النواب العامين الثمانية المقالين وفق شروط لم تقبل بها الإدارة الحالية حتى الآن. غير أنه من المرجح أن تجد هذه المشكلة طريقها إلى الحل على اعتبار أن البيت الأبيض يمسك بالورقة الرابحة بخصوص صلاحيات الجهاز التنفيذي. ولعل الأكثر خطورة ربما هو الطريق المسدود الذي يلوح في الأفق بخصوص مشروع قانون يرصد 122 مليار دولار لتمويل الحرب في أفغانستان والعراق، وتسعى الإدارة لتمريره. غير أن الكونجرس هو الذي يُِمسك، في هذه الحالة، بالورقة الرابحة، بالنظر إلى مراقبته للمخصصات المالية، وتلويحه بها عبر مطالبته ببعض الالتزام بخصوص سحب القوات الأميركية وفق جدول زمني معين. وفي ما يبدو محاولة للفوز بالرأي العام الأميركي، اتخذت الإدارة الحالية خطوة غير معتادة تتمثل في إرسال وفد "جمهوري" من الكونجرس إلى بغداد للحديث عن تحسن الأوضاع في العراق. وفي هذا الإطار، زار عضوا مجلس الشيوخ "جون ماكين"، و"ليندسي جراهام"، وعضوا مجلس النواب "مايك بانس"، و"ريك رينزي" بغداد عطلة نهاية الأسبوع الماضي؛ وعقدوا مؤتمراً صحافيا داخل "المنطقة الخضراء" ذات الحراسة المشددة. وهكذا، تحدث السيناتور "جون ماكين" عن "تفاؤل حذر جداً"، ولكنه عندما قال إنه توجد في بغداد اليوم مناطق حيث يمكن للمرء أن يتجول بكل حرية، لم يتردد أحد الصحافيين العراقيين في سؤاله قائلاً: "حسناً، هل لكم أن تذكروا لنا اسماء هذه المناطق؟". وقد عُلم لاحقا أن إجراءات أمنية استثنائية اتُّخذت لضمان أمن المشرعين الأميركيين في العاصمة؛ حيث حلقت طائرات هيلوكبتر على ارتفاع منخفض، وارتدى أعضاء الوفد الأميركي سترات واقية من الرصاص. والواقع أنه عندما يضيق بوش ذرعاً بالأزمة الحالية، فإنه يستطيع دائماً أن يسأل وزيرة الخارجية "كوندوليزا رايس" عن آخر مستجدات وتطورات الزيارة التي قامت بها إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي. فقد تمكنت من حمل الإسرائيليين والفلسطينيين على الاتفاق على عقد اجتماع كل أسبوعين. صحيح أن ذلك ليس بالإنجاز الكبير، ولكن ليس ثمة وسيلة أفضل لإظهار الجهود الأميركية لحفظ السلام في الشرق الأوسط. ـــــــــــــــــــــ كاتب ومحلل سياسي أميركي ــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"