كان "علي شريعتي" المفكر الإيراني الراحل، يميز في حديثه عن المشروع الصفوي والمشروع المحمدي، وأكد على أن المشروع نبتة غرسها رضا شاه بهلوي بمباركة غربية، وترعرعت لدرجة أنها اتخذت موقفاً معادياً للحقوق العربية وللإسلام السُني، فاحتلال الجزر الثلاث كان تدشيناً لعقدة تاريخية تتراكم وتزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. لإيران مشروعها الفكري الذي تسعى لتحقيقه، وهو مشروع يتناقض تماماً مع تجسيد العلاقات العربية- الإيرانية، وهو المشروع الذي يطرح سؤالاً مهماً في المقابل: أين هو المشروع العربي؟ فالموقف العربي واقع بين فكّي كماشة صعبة ومدببة الأنياب، فالمشروع الإيراني الراهن الذي خلق حالة قلق ونفور ومأزقاً لا نحتاج له، والمشروع الاستيطاني الصهيوني، الذي يتمثل في الهيمنة الإمبريالية في المنطقة وأخطرها احتلال العراق. أبريل 2007 يعني مرور أربعة أعوام على احتلال العراق، ويعني أيضاً أن هناك فروقات وصراعات قادها مشروع إيران التوسعي وأسفر عن زعزعة الأمن العراقي وتمكين الفكر الطائفي من التغلغل في الحياة اليومية. والتظاهرات التي تعم أرجاء العراق الآن، لا تنتمي لطائفة دون أخرى، رغم أن البعض يحلو له تمثيل دور الضحية على الدوام. والشاهد هنا، أن هناك غياباً للمشروع العربي لم تناقشه القمة العربية التي أقيمت مؤخراً في الرياض، فالمقاومة هي الحل الوحيد في رفض كل أشكال الهيمنة والسيطرة التي تمارسها إيران والولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل. لأن الشعوب وحدها هي مفتاح هذا المشروع الذي يناهض كل أفكار الساسة المنادين بالتسامح والإذلال لكرامة العربي الحر حتى، وإن كان أسير أسوار سجون سياسية تمتد من المحيط إلى الخليج وبالعكس. فالأمة العربية تعي تماماً تاريخها، وتعي كذلك مطلبها، وكل هذه التباينات والتناقضات، لا تعكس فكر الأمة الحقيقي ومطلبها المشروع في رغبتها في أن يكون لها مشروعها الحاسم، لكل هذه الاختراقات التي تطالب بتنكيس فكر الأمة للأبد، وسلخها من معتقدها الديني الأصيل وهويتها المتعمقة في جذور المكان والزمان. فالموقف اليوم يعلن تضاداً واضحاً في موقف الشعوب وأصحاب السلطة، فمعظم الساسة كل خياراتهم تصب حول الصمت والتنازل، والشعوب تدرك كل الإدراك أن المقاومة- ولا نعني العنف بالضرورة- هي خيار أنجع وسط هذا الموج المتلاطم. مشروع الأمة يحتاج إلى ولادة سريعة، فغياب مثل هذا المشروع يضعف الجسد العربي أكثر ويتيح لمشاريع أخرى هدفها استيطاني أن تتمدد كما يحلو لها، ويسمح باختراقات لابد أن تواجه بالرفض والمقاومة. لو سألت أفراد الشعب العربي عن مشروعهم، سترى كيف أنهم يشتركون في كل محدداته ويتفقون في صورته، وحتى لدى البسطاء منهم. إنهم عقل وقلب الأمة الرافض لكل ما يدور حولهم من مؤامرات وحروب تأخذ منهم ولا تعطيهم إلا المهانة والمزيد من الاستسلام.