حتى هذه اللحظة يتساءل البعض عن سر تلك الثورة والغضب اللذين ينتابان "بعض" أعضاء مجلس إدارة جمعية الصحفيين واللذين أديا ببعضهم إلى الخروج عن "طورهم" فقط لأن هناك من خالفهم في الرأي!.. لماذا حدث ذلك وهم الصحفيون الذين يملكون الشجاعة والجرأة في طرح كثير من قضايا الوطن، وفي بعض الأحيان معالجتها... وكيف يفشلون في التفاعل مع قضيتهم التي هم طرف فيها بتلك الشجاعة والغيرة والتجرد والمثالية؟! وما هو غير مفهوم أيضاً هو محاولة البعض مصادرة الرأي الآخر وهم الذين ينادون به؟! والعمل على تكميم الأفواه وهم الذين يعانون منه؟!! والمشاركة في منع نشر خبر يهمهم وهم الذين يقاتلون كل ليلة من أجل أن ينشروا أخباراً تهم الآخرين؟!! وما لا يمكن فهمه هو لماذا يتعب البعض أنفسهم ويتبنون ميثاقاً للشرف الإعلامي يهدف إلى تسهيل عمل الصحفيين، وهم في قضية تهم الصحفيين يحاولون خرق ذلك الميثاق قبل أن يتم إقراره؟! لا أدري لماذا يجتهد البعض في رمي الآخرين بالحجارة وبيته من زجاج؟!! عام مضى على استلام مجلس الإدارة الحالي لمهامه ولم يتكلم أو ينتقد أو يكتب أي عضو في الجمعية كلمة في حق مجلس الإدارة على الرغم من وجود بعض الملاحظات.. وعندما جاء وقت الكلام في الجمعية العمومية العادية المجلس منع أعضاء الجمعية من الكلام وطالبهم بالموافقة على ما قام به.. وإبداء الإعجاب.. والتصفيق لما قام به مجلس الإدارة!! أما من يقوم بغير ذلك و"يتجرأ" بالمناقشة والسؤال فمكانه محجوز في خانة "المخرِّبين"!!.. فهل توقع المجلس الموقر أن يقبل الصحفيون أن يسكتوا عن الخطأ؟! إذا كان يتوقع ذلك فبلاشك أنه أخطأ في حساباته... وهو بذلك اخطأ مرتين الأولى عندما لم يحسب الأمور بشكل سليم، والمرة الثانية عندما فشل في التعامل مع التطورات الأخيرة في الجمعية. صحافة الإمارات "متهمة" بأنها ملكية أكثر من الملك وآخر من أطلق عليها هذا الوصف هو الدكتور جمال سند السويدي مدير "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" في حوار مع "الاتحاد" منذ أسابيع، فهل ما يحدث هذه الأيام صورة من صور "الملكية الصحفية"... في زمن يمارس فيه العالم الديمقراطية وتعيش فيه الإمارات بدايات حياتها مع تجربة المشاركة؟! مشكلة "ملوك الصحافة الجدد" في كل مكان وزمان هي أنهم لا يعترفون بالآخر ولا يريدون أن يسمعوا إلا أصواتهم، وكل من يخالفهم في الرأي يعتبر عدواً لهم "ومخرِّباً لمملكتهم" الساحرة التي لا يريدون لأحد أن يقترب منها؟!! ورغم كل ذلك فإن هناك من يريد أن يبقى إلى الأبد فبدل أن "يحكم" سنتين تمدد السنتان إلى أربع سنوات، والأربع إلى ثماني سنوات، والثمان إلى خمس عشرة سنة وهلم جرا.. ويبدو أن "المستشارين" صاروا على قناعة بأنه لم يعد ينقص هذه المملكة إلا "شعب من المطيعين"!!! ويبدو أن "البعض" نسي أنه في مملكة الصحافة لا يردد الصحفيون "عاش الملك" كما يريد "البعض".. وإنما ما يعرفه الصحفيون في مملكتهم وما يرددونه دائماً في بلاط صاحبة الجلالة "عاش القلم" إلى الأبد وما غير القلم فان في مهنتهم. المطلوب اليوم هو قليل من الاحترام للمهنة وقليل من التقدير للزملاء... أما الأمر الآخر فهو أن يعمل مجلس الإدارة بصدق وجد من أجل إعادة "الناس" إلى مملكتهم لتدب فيها الحياة والحيوية والنشاط من جديد... وإذا كان البعض مصراً على "الملكية" فلتكنْ... ولكن ليجعلوها ملكية دستورية -يحافظ فيها "الملك" على مكانته ولكنه يكون ملتزماً بالدستور وبالنظام الأساسي والقانون واللجان ويحترم الناس- وليست ملكية مُطلقة -فيكون ملكاً مطلقاً فوق القانون والدستور، وبالتالي لا يحاسب أو يخضع لأية سلطة، بل ويحكم حسب رغباته وأهوائه!!- لتكن ملكية إلى أجل مسمى لأن هناك من لا يستطيع إلا أن يكون "ملكاً" وبعد ذلك ليقضي الله أمراً كان مفعولاً!! على الرغم من ملاحظات الصحفيين الكثيرة على قانون المطبوعات الحالي، وعلى الرغم من علمهم بمشروع قانون المطبوعات المعدل -الذي يفترض أنه تم رفعه من مجلس إدارة جمعية الصحفيين إلى المجلس الوطني للإعلام دون إطلاع الجمعية العمومية عليه- إلا أن الجميع يعرف أن المسؤولين في الإمارات كانوا دائماً يقفون في صف الصحافة ومع الصحفيين ويدعمون كل ما يقومون به من منطلق تشجيع حرية الرأي، وكذلك لأن صحافة الإمارات نزيهة وذات أهداف وطنية حتى بعض الخاصة والأهلية منها... ونتمنى ألا تؤثر محاولات المنع التي حدثت ومحاولات تغيير الأخبار والموضوعات الصحفية التي تتعلق بالجمعية على صورة صحافة الإمارات وصحفييها... فبلاشك أن تلك كانت اجتهادات مشروعة لها ظروفها وأسبابها الخاصة. الاحترام فيما يجري للجميع مهما كان الاختلاف دون وصف أي طرف بأوصاف انفعالية لا تليق فيفترض أن الخلاف الراقي حق مشروع يؤدي في النهاية إلى الارتقاء بالعمل الذي يتم حوله النقاش والحوار وربما الخلاف... حتى من "يتبرع" بإرسال "رسالة ملغومة" عن طريق آخرين يكون الرد عليه: شكراً على رسالتك.. وإذا لم يوفق في رسالته يكون الرد عليه ببساطة: يبدو أنك أرسلتها إلى الشخص الخطأ وفي التوقيت الخاطئ. ما هو معروف أن أعضاء مجلس إدارة الجمعية وكل أعضاء الجمعية العمومية مخلصون وليست لهم مصالح شخصية أو مادية في هذه الجمعية، وما هو أكيد ولا مجال للشك فيه أن الخلاف الدائر حالياً هو قائم على اختلاف في وجهات النظر في إنجازات الجمعية وطريقة عملها التي يقر الجميع بأنها مسؤولية مجلس الإدارة طوال العام ولا أحد يتدخل فيها، أما أثناء انعقاد الجمعية العمومية فإنها مسؤولية الجمعية العمومية بالدرجة الأولى، وكل فرد من أفرادها يتحمل مسؤوليته الكاملة في مساءلة مجلس الإدارة ومحاسبتها -لأن مجلس الإدارة جزء من هذه الجمعية العمومية وليس العكس كما نرى اليوم-. أتمنى لمجلس الإدارة التوفيق ولكنني لا أتمنى أن تبقى الجمعية على الحالة التي هي عليها، بل أن تكون أفضل... وأعتقد أن الصحفيين بحاجة إلى جلسة هادئة يتناولون فيها هموم العمل في جمعيتهم.. جلسة يكون شعارها "عاش القلم" وليس عاشت كراسي مجلس الإدارة!!.. كان يمكن لكل ما هو كائن الآن وكأنه لم يكن ولن يكون -فقط- لو تعامل "البعض" مع أعضاء جمعية الصحفيين بطريقة أكثر ذكاء وأكثر عقلانية، ولو كان مستعداً للنقاش والحوار -وإن كان لا يعجبه ما يطرح- فمن حق الجميع أن يقول ما يريد، ومن حق مجلس الإدارة أن يتخذ قراراته... الفرصة ما تزال أمام مجلس الإدارة لاستيعاب ما يجري وتصحيح ما يمكن تصحيحه والعودة إلى الصواب وبلاشك أننا جميعاً سنكون معه حتى النهاية... وأنا على يقين أنه بعد أن تنتهي هذه الأزمة سيكشف المنصفون أنها كانت مفيدة وجاءت من أجل مصلحة الجمعية والعمل الصحفي ومستقبل الصحافة بشكل عام... ولا خاسر فيها إلا من أراد أن يصطاد في الماء العكر.