نما في الفترة الأخيرة، حديث عن وجود تجاذب حاد داخل جمعية الصحفيين، أو على الأقل حولها. فقد قيل إن بعض أعضاء مجلس إدارة الجمعية أو محازبيهم درجوا على ممارسة ضغوط، من موقعهم وبصفتهم طبعاً، على شباب الصحفيين، لمنعهم من النقاش عند أي استحقاق ذي صلة بتشكيل أطر الجمعية. وقيل، إن هذا المنع هو ما يضمن للبعض "سيطرة" شبه مستديمة على مقاعد الجمعية، وتسيير أمورها، كما يضمن لهم "إقصاء" أعضاء آخرين غير مرغوب في رؤيتهم في جنبات الجمعية. وقيل إن تسيير الجمعية يتم "من جانب واحد" وعلى مبدأ الطلب من الصحفيين بأن يرفعوا أيديهم ويلوِّحوا بالعلم الأبيض، و"يوقعوا على بياض" و"دون قيد أو شرط"، وإن الجمعية عملياً "في حالة غيبوبة" وتكرِّس مبدأ "إلغاء الآخر"، وتتبنى "التعتيم" تجاه أخبار تتعلق حتى بنشاطات الجمعية نفسها -وهنا يحسب لـ"الاتحاد" مبادرتها بكسر جدار الصمت حين اخترقت حاجز الكلام المُباح ونشرت تلك "الأخبار المحجوبة". وفي المقابل، قيل إن "عناصر الضِّد" أو "الخارجين" على "خطوط" الجمعية -إن جازت هذه التعبيرات- يعملون على "تخريب" وحدة الجسم الصحفي، و"يناوئون" الجمعية، هذا حتى لا نسوق تهماً أخرى كثيرة من قبيل أنهم "دخلاء على الصحافة" و"أعداء للنجاح"..! وقيل... وقيل. الشيء المؤكد، في كل الأحوال، هو أن الجمعية، عموماً، بغض النظر عن صحة ما يقال من عدمه، لابد أن تخرج من حالة الكمون واللافاعلية، وأن تعمل على استقطاب الأعضاء من خلال إقناع الجميع بأنه ليس لديها ما تُخفيه، وأن تقاليد العمل المتبعة فيها تقوم على أسس سليمة مهنياً، وواضحة إجرائياً، وشرعية تنظيمياً، لأنها لا يمكن أن تؤدي مهمتها على أكمل وجه إلا في أجواء من التعاون والتفاهم، و"التراضي" ونكران الذات، لتحقيق أهدافها المنشودة، وهذا ما تأخذ منه هي وغيرها من الجمعيات الأخرى مبررات وجودها أصلاً. وتزداد في مثل هذه الأجواء أهمية إحاطة جمعية الصحفيين بجدران زجاجية شفافة للغاية وواضحة جداً، وقائمة على إشاعة روح الفريق والمكاشفة والصراحة والابتعاد عن أي شكل من أشكال الأثرة، أو اصطناع "الكاريزما" أو الإقصاء. والحقيقة أن خلق تقاليد جديدة في المكاشفة الذاتية، والنزول بجمعية الصحفيين من برجها العاجي إلى الميدان الصحفي، لمعايشة هموم وانشغالات الصحفيين اليومية، ومساعدتهم للتغلب على كل ما يواجهونه أثناء تأدية عملهم من متاعب المهنة، هو وحده ما من شأنه أن يطفو بالجمعية مجدداً إلى السطح –إن صحَّ أنها غارقة فعلاً- ويبدد سحب القيل والقال، المثارة حولها، عن حق، أو عن غير وجه حق. أعني، أن تكون جمعية فاعلة، مُتجهة، وذات رؤية وهدف واضحين، وأن تضرب مثلاً أعلى في إعلاء قيم حرية التعبير، وثقافة المشاركة، والتسامح، وقبول الآخر. لا أن تصبح هكذا حلبة للتجاذب، أو متنَّفساً للتعبير عن التناقضات الشخصية، أو حتى نادياً خاصاً، بمقاعد محجوزة سلفاً، وبامتيازات وصفات ومسميات ثابتة لا تتغير بتغير الأحوال، وكأنها القضاء والقدر. وإذا كنا كصحفيين لا نستطيع فض الاشتباك فيما بيننا، ولا نستطيع تجاوز الحساسيات –حتى لا نقول الحزازات- الشخصية، وإذا كانت جمعيتنا تعجز عن التعبئة حتى لعقد جمعية عمومية، فما أحوجنا إلى أن نوفر على أنفسنا جزءاً من خطابتنا التوجيهية للمجتمع، ودورنا التوعوي الذي ندعيه. على الأقل من باب أن فاقد الشيء لا يعطيه، أو عملاً بالقول: لا تنهَ عن خُلق.. لا فرق.