تعيش الدول الخليجية جميعها حالة من الترقب والقلق، بعد أن ظهر مرض "إنفلونزا الطيور"، مؤخراً، في بعض هذه الدول. من جانبها اتخذت دولة الإمارات إجراءات احترازية، من قبيل حظر استيراد أنواع الطيور الحية ومنتجاتها كافة، واتخاذها قرارات صارمة لوقف بيع وتداول الدواجن الحية في محلات بيع الدواجن في البلاد، كما تتحرك لجنة الطوارئ الوطنية لـ"إنفلونزا الطيور" باتجاه تكثيف عمليات الرقابة في الأماكن العامة للتخلص من الدواجن البرية، وتوجيه تعليمات إلى الأفراد لعزل الطيور المنزلية للحدّ من مخاطر انتقال المرض عن طريق الطيور المهاجرة، وإحكام إغلاق جميع المنافذ لضمان عدم تسرب أي طيور إلى البلاد، وغير ذلك من التوجهات الهادفة لمنع انتقال مرض "إنفلونزا الطيور" إلى الإمارات، التي تؤكد الدوائر الصحية خلوّها حتى الآن من أي حالة إصابة بالفيروس القاتل. ومن خلال مراقبة تطورات وتداعيات مرض "إنفلونزا الطيور" في الدول العربية والقرارات والاستعدادات الخاصة بهذا الجانب عموماً، يمكن الخروج بدروس مهمة تفيد السلطات المحلية في تأمين أفضل الطرق وأقلّها تكلفة في التعامل مع هذا الخطر. وبما أن أفضل الطرق الناجعة لوقف تمدد انتشار مرض "إنفلونزا الطيور" حتى الآن تتمثل في التخلص من جميع الدواجن أو الطيور الداجنة، حتى السليمة منها، داخل دائرة واسعة لكل إصابة يتم تشخيصها، فإن تردد بعض الدول العربية في هذا الخصوص لفترة طويلة امتدت لشهرين تقريباً، منذ بداية ظهور المرض وحتى انتشاره بصورة أوسع ووصوله إلى البشر، قبل أن تضطر أخيراً لاتخاذ قرار بالتخلص من عدد ضخم من الدواجن تجاوز مليون طائر، كان يمكن تقليصه إلى الحدود الدنيا، في ظل قرارات حاسمة وسريعة في هذا الخصوص. وهكذا يتضح كيف أن التردد في اتخاذ القرار المناسب، في الوقت المناسب، تترتب عليه أضرار بالغة على صناعة الدواجن المحلية، وفي الوقت نفسه يضاعف من حجم التعويضات التي ستقدم إلى المتضررين. وفي درس آخر من تجارب بعض الدول العربية التي تعاني خطر إنفلونزا الطيور منذ فترة طويلة، فإن غياب أي خطط لتعويض المتضررين من إجراءات مكافحة هذا الخطر، أسهم بصورة أساسية في تستّر البعض على الحالات المشتبه بها، مما أسهم في توسيع دائرة الخطر وتصعيب عملية محاصرته. فأصحاب الطيور لن يقدموا على التخلص من الدواجن السليمة من دون تعويضات مجزية، ما يتطلب موارد مالية كافية تحت تصرف الجهات التي تقوم بمكافحة "إنفلونزا الطيور" لتغطية كل النفقات المترتبة على نشاطها من تعويضات ولقاحات وغيرها. وكما أن مواجهة "إنفلونزا الطيور" بالدولة تتطلب تنسيقاً تاماً بين جميع الجهات المعنية، وتوحيداً للإجراءات المتخذة في مختلف إمارات الدولة، خاصة المنافذ والمطارات، بعد أن تأكد أن الخطر الأول لدولة الإمارات يأتيها من الخارج، فإن الفترة المقبلة تتطلب العمل المكثف لدعم قطاع صناعة الدواجن الوطنية والتوسع فيها، وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي، في ظل إجراءات صارمة تضمن سلامة هذا القطاع، مع تكثيف الوعي بأهمية استخدام المنتج المحلي لكونه البديل الأكثر أماناً للمستهلك، والذي يحمل مواصفات عالية ويخضع إلى رقابة شديدة من مختلف المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.