في معركة جديدة تتناقل وسائل الإعلام تطوّراتها باستمرار هذه الأيام، تصاعدت الخلافات بين وزارة الاقتصاد وشركات الألبان والعصائر المحلية حول اتجاه الأخيرة لرفع الأسعار بنسب تتراوح بين 8% و30%، ففي الوقت الذي أكدت فيه "هيئة منتجي الألبان والعصائر" أن طلب الشركات رفع أسعار منتجاتها هو آخر الحلول للبقاء واستمرار أعمالها، جدّدت وزارة الاقتصاد من جانبها رفضها القاطع لأي ضغوط من هذا النوع، مؤكّدة أن الأسعار الحالية مناسبة، وأن إحدى الشركات هي التي تقود منتجي الألبان لتشكيل تكتّل احتكاري بما يعدّ مخالفة واضحة لقانون حماية المستهلك، كما توعّدت الوزارة في الوقت نفسه بتطبيق قانون حماية المستهلك عليها، مطالبة المستهلكين بعدم الانصياع لأي زيادة، خاصة أن هناك عدداً من شركات الألبان والعصائر ترفض أي توجّهات لرفع أسعار منتجاتها، كما أن أسعار الألبان في الإمارات خاصة المستوردة منها مرتفعة كثيراً، قياساً عليها في الدول المجاورة. شركات الألبان والعصائر من جانبها لها وجهة نظر أخرى، فهي ترى أن طلبها رفع أسعار منتجاتها هو آخر الحلول أمامها للبقاء، وبالتالي حماية صناعة وطنية تصل استثماراتها إلى مليار درهم، من خطر الاندثار، خاصة بعد خروج ثلاث شركات من السوق والتوقف عن الإنتاج تماماً، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث سجّلت العديد من شركات الألبان والعصائر خسائر كبيرة، بحسب النتائج المالية عن العام المالي الماضي، بينما تقدّر "هيئة منتجي الألبان والعصائر" خسائر 28 شركة عاملة في هذا المجال بنحو 150 مليون درهم، لهذا العام، في حالة عدم الاستجابة لطلبها برفع الأسعار. تدعم هذه الشركات في مطالبها الموجة التضخمية العامة التي تشهدها الدولة حالياً، وهي موجة تستمد زخمها وقوتها من مصادر عدة داخلية وخارجية، كما أن الشركات وعلى مدى عام ونصف العام طالبت ثلاث مرات بزيادة الأسعار، وجرت اجتماعات عدة بينها ووزارة الاقتصاد، التي وعدت بإيجاد حلول مناسبة، لا يزال الطرف الأول ينتظرها طوال هذه الفترة، وهي الفترة نفسها التي شهدت ارتفاع المؤشر العام لزيادة الأسعار في الدولة من 6% إلى 10% حالياً. هناك طرف ثالث في هذه القضية، وهم الموزّعون وتجار التجزئة، الذين يرفضون أي تعديل في قوائم الأسعار، ويوجّهون اتهامات إلى المنتجين بالسعي إلى رفع الأسعار من دون مبرّرات حقيقية تتعلّق بتكاليف الإنتاج، ما دفع شركات الألبان من جانبها إلى الرّد بقوة، موضحة أن أرباح الموزعين وشركات تجارة التجزئة والجمعيات التعاونية تصل إلى 25% من أجمالي المبيعات، يضاف إلى ذلك الرسوم الكبيرة التي يفرضها الموزّعون على شركات الألبان، والتي ارتفعت إلى ما يعادل الضعف تقريباً خلال عام، حيث ترى هذه الشركات أن تدخّل الجهات الحكومية بخفض هوامش أرباح الموزّعين وتجار التجزئة يمكن أن يكون إحدى الوسائل البديلة عن طلب رفع الأسعار. وفي خضم هذا السجال بين الجانبين تضيع الحقيقة المجرّدة، بينما تقف إدارة حماية المستهلك والجهات المعنية الأخرى عاجزة تماماً عن رصد الأسعار، والنظر في مبرّرات الزيادة بموضوعية، حتى يتسنّى لها وضع السياسات والتشريعات والضوابط الكفيلة بمواجهة مثل هذا القضايا، حتى لا يتحمّل المستهلك زيادات إضافية في الأسعار غير مبرّرة، وحتى لا يتحمّل المنتج المحلي من جانبه تكاليف إضافية في الإمكان تجاوزها أو تحجيمها. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية