Foreign Policy حرب العراق: الربح والخسارة قضايا سياسية عدة شملها العدد الأخير من دورية Foreign Policy التي تصدر كل شهرين عن مؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي" في واشنطن والتي أفردت ملفاً كاملاً في عددها الأخير للإجابة على السؤال: من الطرف الذي استفاد أكثر من غيره في الحرب على العراق؟ للإجابة على هذا السؤال استعانت الدورية بآراء طائفة من الخبراء الذين رأى بعضهم أن أكثر المستفيدين هي إيران، ومنهم من رأى أن أكبر المستفيدين هو مقتدى الصدر... وشمل باقي آراء الخبراء أطرافاً أخرى هي: تنظيم "القاعدة"، والصين، وبعض الأنظمة العربية، وأسعار النفط، والأمم المتحدة وأوروبا القديمة وإسرائيل. وسنتناول هنا بشكل تفصيلي آراء اثنين من الخبراء، الأول هو "والي نصر" الزميل بـ"مجلس العلاقات الخارجية"، الذي يرى أن إيران هي أكثر من استفاد من حرب العراق، لأن العراق كان يفترض حسب المشروع الأميركي أن يكون نموذجاً للشرق الأوسط، وأن يمثل تهديداً لنظام الحكم الديني في طهران، لكن ذلك لم يتحقق بل أدت تلك الحرب إلى سقوط صدام حسين الذي خاض حرباً ضد إيران لمدة ثماني سنوات. والحقيقة، كما يقول الكاتب، أن هناك الكثير من الفوائد الأخرى التي حصلت عليها إيران من تلك الحرب، كاجتثاث "البعث" وسيطرة القوى الشيعية والكردية على حكم العراق، وهي القوى التي ترتبط بعلاقات جيدة مع طهران، ما جعل الأخيرة أول من اعترف بالحكومة الجديدة في بغداد. أما "ديكستر فيلكينز" الذي عمل مراسلاً لـ"نيويورك تايمز" في بغداد خلال فترة والباحث بجامعة هارفارد، فيرى أن الصياح الذي تردد خلال فيلم إعدام صدام حسين ثلاث مرات: "مقتدى... مقتدى... مقتدى"، يقدم الإجابة على السؤال المطروح. فرجل الدين الشيعي الشاب الذي لم يكن معروفاً قبل الغزو الأميركي للعراق، أصبح الآن أقوى رجل هناك: فهو يمتلك نفوذاً على أعضاء البرلمان العراقي يفوق نفوذ أي حزب أو كتلة عراقية أخرى، كما أن رجال مليشياته ينتشرون في مختلف أنحاء البلاد، ويخترقون قوات الأمن، ويسيطرون على الشوارع ويشكلون القوام الرئيسي لـ"فرق الموت". وليس هناك من دليل على ما يمثله الرجل من قوة ونفوذ أكثر من أن الأميركيين يتمنون اختفاءه من المشهد، وأن باقي الزعماء الشيعة يتمنون له الموت، ولكن الصدر الذي لا يزال في الثلاثينيات من عمره يبدو في مأمن، بل أكثر من ذلك قد يكون الشخص الأكثر استفادة إذا ما غرق العراق في مزيد من الفوضى. "وجهات نظر": كوك والصحافة الحقيقية اشتمل العدد الأخير من مجلة "وجهات نظر" على دراسات تناولت مواضيع مختلفة، نتوقف عند بعضها في لمحات سريعة. ففي بحثه عن إمكانية تحقق الصحافة الحقيقية، ينطلق أيمن الصياد من عبارة "هناك حقيقة خلف كل ستار..."، والتي أطلقها "روجر كوهين" في صحيفة "الهيرالد تريبيون" قبل سنتين، حين كان يتحدث عن الصحفي الأميركي الأكثر احتراماً "سيمور هيرش"، معتبراً: "إننا.. نحن الصحفيين الغربيين، أو معظمنا على الأقل أصبحنا دون أن ندري عبيدا لـ MSM، وهو اختصار بات شائعاً لـ Main Stream Media . صحفي واحد ربما -يقول كوهين- وللمرة الثانية خلال 35 عاماً يثبت أنك "كصحفي .. يمكن أن تكون مختلفًا". وفي هذا المفهوم الأخير، أي الاختلاف، يجد الصياد أن ثمة قاعدة صلبة للصحافة الحقيقية! "المسلمون على جبال الألب"... دراسة بقلم محمد السماك، يفنِّد فيها بعض الأطروحات التي تعتبر أن المسلمين خسروا معركة بواتيه في جبال البيرينيه عام 732، وأن خسارتهم تلك تعود إلى كونهم "صحراويين" لا يتحملون البرد ولا الطبيعة الجبلية الوعرة بما فيها من غابات ووديان. وأنهم بعد تلك الهزيمة التي لحقت بهم على يد شارل مارتل انغلقوا على أنفسهم في الأندلس حتى دالت دولتهم بسقوط غرناطة. وهنا يحلل السماك ميزان القوة العسكرية في موقعة بواتييه، ويحلل علاقات العرب الأندلسيين خارج إطارهم الثقافي، ليفند الأطروحات السابقة ويدحض مقولات إسنادها الرئيسية. وفي دراسة عنوانها "توماس كوك في مصر رحلة.. إلى الرومانسية"، يقول آلان بلوتيه: في عام 1869 دعا الخديو المصري إسماعيل 6000 ضيف لاحتفالية أقامها بمناسبة تدشين الأعجوبة الهندسية في ذلك العصر، أي قناة السويس. وكان بين الشخصيات اللامعة في الحفل، هناك رجل واحد كاد يكون خفياً - مع أن ذلك الستيني البريطاني كان من المقدر له أن يغير مسار التاريخ المصري أكثر من أي شخص آخر من الموجودين، إنه توماس كوك المؤسس والعقلية العبقرية التي وقفت خلف "وكالة توماس كوك" التي كان لها حينئذ عشرات الفروع حول العالم. في ذلك اليوم حضر "كوك" عرض الألعاب النارية في سماء بورسعيد، وفي اليوم التالي انضم إلى مجموعة من السياح على إحدى المراكب الثمانية والأربعين المصطفة خلف مركب الإمبراطورة أوجيني. أبحرت المراكب في الرحلة التاريخية التي افتتحت القناة. وكانت تلك رحلة "كوك" الثانية إلى مصر. وقد قامت الوكالة التي يملكها باستئجار باخرتين لنقل زبائنه في رحلات نيلية، وخلال احتفالات نوفمبر استغل كوك الفرصة في توطيد العلاقات التي سيبني عليها لاحقاً في توسيع عملياته.