تزامن انعقاد المجلس الوطني الاتحادي في فصله التشريعي الرابع عشر مع مرور 35 عاماً على انعقاد أول جلسة للمجلس الوطني الاتحادي وسط تطورات عديدة شهدتها مسيرة العمل الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة وأهمها: اكتمال المرحلة الأولى من برنامج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله"، لتفعيل دور المجلس الوطني، والذي أعلنه في خطابه في العيد الوطني الرابع والثلاثين، والذي لاقى قبولاً وتأييداً كبيرين من قبل أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حيث اعتبر المجلس الأعلى للاتحاد خطاب صاحب السمو رئيس الدولة بمثابة خطة عمل وطنية للمرحلة المقبلة لتعزيز مكتسبات الاتحاد وترسيخ مؤسساته، وبناءً عليه انطلقت أول تجربة انتخابية تشريعية في تاريخ دولة الإمارات. كما تزامن انعقاد المجلس مع مرور سنة على تشكيل الحكومة الجديدة، والتي توجهت نحو تطوير الأداء وتبني استراتيجية وطنية للعمل الحكومي. إن المجلس الوطني الاتحادي بتشكيلته الحالية هو الأكثر تجديداً، حيث شهد أعلى معدل دوران للأعضاء في تركيبته مقارنة بالفصول التشريعية الثلاثة عشر الماضية، وذلك ببقاء أربعة أعضاء فقط من التشكيلات السابقة. واللافت للنظر أن أغلبية أعضائه هم من الشباب، ومن الكفاءات الثقافية والاقتصادية والإدارية المشهود لها في المجتمع. كما أنه المجلس الأول الذي يضم عشرين عضواً منتخباً من قبل أعضاء الهيئات الانتخابية للإمارات السبع، والأهم من ذلك أنه المجلس الوحيد الذي شهد دخول المرأة كشريك للرجل في مسيرة المشاركة السياسية في الدولة كعضوة في المجلس الوطني، سواء وصلت عن طريق الانتخاب أم التعيين، حيث بلغت نسبة الإناث في المجلس 22.2% من إجمالي عدد أعضاء المجلس، وهي تعد من أعلى المستويات لتمثيل المرأة في البرلمانات الوطنية على المستوى العالمي. يجيء انعقاد هذا المجلس بعد فترة انقطاع استمرت سنتين ميلاديتين، وهي أطول فترة غياب للمجلس عن مسيرة العمل البرلماني في الدولة، ولذلك فإن الآمال المعقودة عليه تبدو كبيرة، والتساؤلات المطروحة حوله عديدة ومنها: هل سيعمل الأعضاء المنتخبون على تنفيذ محاور برامجهم الانتخابية والتي أعلنوا عنها في حملاتهم الانتخابية وتركزت أساساً ضمن حوالى أحد عشر محوراً وقضية وهي: تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي، التعليم، التركيبة السكانية، التوطين والبطالة، الإسكان، المرأة والأسرة، الاقتصاد، البيئة، الإعلام، الهوية الوطنية والتراث، الفئات الخاصة كالمتقاعدين والموهوبين والمتفوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، غلاء المعيشة والديون، المناطق النائية، الخدمات الأخرى كالصحة والطرق والأمن، قضايا الشباب، وأخيراً الإدارة الحكومية . أما السؤال الثاني: هل سيشهد دور المجلس تفعيلاً؟ خاصة مع وجود وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، وكيف سيكون مسار العلاقة بينها وبين المجلس وخاصة أن القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2006، نص على أن يمارس وزير الدولة لشؤون المجلس صلاحية التنسيق بين الحكومة والمجلس فيما يتعلق بمباشرة المجلس الوطني لاختصاصاته، والمشاركة في إعداد التشريعات ذات الصلة بدور المجلس . ويتركز السؤال الثالث حول ماهية القضايا التي سيركز المجلس عليها، وما هي أولوياته في الفترة المقبلة؟ حيث تبدو هذه الأولوية في المستوى القانوني من أجل رفع مستوى الصلاحيات التشريعية والرقابية والأدوات الممنوحة للمجلس لمزاولة هذه الصلاحيات، وتعديل اللائحة الداخلية. كلنا أمل أن تشهد الفترة المقبلة تطوراً جديداً ونوعياً في أداء المجلس الوطني ومستوى طرحه للقضايا، ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على المستوى الإقليمي والدولي كذلك مستثمراً لعضويته في العديد من المنظمات والمؤسسات البرلمانية، ومترجماً لقيم وتوجهات العمل الوطني الحالي في الدولة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نوال عثمان الشحي