المتابع للسياسة الإيرانية من الناحية الواقعية البعيدة عن خطابات وتصريحات الاستهلاك الإعلامي، يلاحظ أن الصراع بين إيران من جهة والإدارة الأميركية وإسرائيل من جهة أخرى ليس صراعاً من أجل البقاء ينتهي بمحو أحد الطرفين للآخر, بل إنه اختلاف على الأدوار في مساحتها وعوائدها. وهو بالتالي صراع تهدف من خلاله إيران إلى وضع معادلات جديدة للتعاون من أجل اقتسام النفوذ في المنطقة, وإلا كيف نفهم التعايش السلمي منذ أكثر من ست سنوات مع (الشيطان الأكبر) الذي عبر المحيطات وجاور إيران في حدودها الطويلة مع كل من أفغانستان والعراق؟! الرئيس الإيراني نفسه قد صرح جهراً بأنه يسعى لتوطيد دعائم هذا التعايش والارتقاء به عندما أعلن أن إيران على استعداد لمساعدة الولايات المتحدة في العراق شرط أن تخفف واشنطن من سياستها العدائية تجاه نظامه. ربما يحاول البعض أن يخدعنا، فيحاول أن يبرر ذلك بحجة أن أوان المعركة الكبرى والحاسمة لم يحن بعد، وينبغي لنا الانتظار حتى يتحقق ميزان القوى بامتلاك تقنية نووية إيرانية فتتعادل الكفة! الجميع يعرف أن إيران قد شرعت بعد الانتهاء من الحرب العراقية- الإيرانية في بناء ترسانة تسليحية ضخمة في مختلف المجالات بما فيها العمل في المجال النووي. وهنا يبرز السؤال الكبير عن خريطة المنطقة وسماتها ومستقبلها ومن سيكون الخاسر الأكبر بعد أن يتم الإعلان رسمياً عن دخول إيران شحماً ولحماً إلى النادي النووي؟ وديع بتي حنا- السويد