عملية إيلات تفضح ضعف الاستخبارات...ورئاسة إسرائيل منصب الساسة المُحبَطين تداعيات عملية "إيلات"، ودعوة لـ"نزع فتيل الأزمة" في الشرق الأوسط، وتأييد للمبادرة السلام العربية، وانتقادات بالجملة لمنصب الرئاسة "السطحي" مواضيع أربعة نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة أسبوعية في الصحافة الإسرائيلية. عملية إيلات حول تداعيات العملية التي نفذها ناشط فلسطيني في منتجع "إيلات" الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين، أفادت صحيفة "هآرتس" في عددها ليوم أمس الثلاثاء بأن رئيس الوزراء إيهود أولمرت عقد اجتماعا يوم الاثنين مع كبار مسؤوليه الأمنيين لبحث طرق الرد على هذه العملية. وفي هذا السياق، رجحت الصحيفة أن تتفادى إسرائيل تنفيذ عمليات واسعة في قطاع غزة "في محاولة لتلافي إضعاف وقف إطلاق النار الضعيف أصلا مع الفلسطينيين". غير أنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن مصادر مقربة من رئيس الوزراء أكدت لها إمكانية تنفيذ عمليات صغيرة ومحدودة ضد الناشطين الذين يخططون لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل. كما اعتبرت الصحيفة أن تواصل الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين بين "فتح" و"حماس" ساهم بدوره في صرف تركيز وانتباه النشطاء الفلسطينيين عن إسرائيل؛ التي –تتابع الصحيفة- لا ترى حالياً مصلحة في التدخل في الحرب الداخلية في قطاع غزة، وترغب في تفادي أي عمل من شأنه توحيد الفصائل المتناحرة ضدها. الصحيفة اعتبرت أن عملية يوم الاثنين تثير من جديد بالنسبة لرئيس الوزراء والجيش الإسرائيلي موضوع تأمين الحدود مع سيناء المصرية، وضعف المعلومات الاستخباراتية الكفيلة باستشراف مثل هذه العمليات والذي عزته الصحيفة إلى الانسحاب الإسرائيلي من القطاع. وفي هذا السياق، ذكّرت الصحيفة بأن الجيش الإسرائيلي كان أعد مخططاً يقضي ببناء حاجز على طول الحدود مع مصر، غير أن كلفة المشروع –تقول الصحيفة- والمقدرة بـ3 مليارات شيكل حالت دون إنجازه. "نزع فتيل الأزمة" كان هذا هو العنوان الذي انتقته صحيفة "جيروزاليم بوست" لافتتاحية عددها ليوم الاثنين الماضي، والتي أفردتها للتعليق على الاقتتال الدائر في الأراضي الفلسطينية بين "حماس" و"فتح"، والدعوة إلى "إعادة النظر في سياسة إسرائيل ودول أخرى القائمة على تقديم أموال وأسلحة بهدف تشجيع فريق المعتدلين". وفي هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى دعوة السعودية للأطراف الفلسطينية من أجل حقن الدماء والكف عن الاقتتال الداخلي، وإفراج إسرائيل عن 100 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية التي جمعتها إسرائيل، لتخلص إلى أن "ثمة طرقاً أفضل لتشجيع اعتدال حقيقي، وليس نسبياً، بين الفلسطينيين". حيث رأت الصحيفة أن على الدول العربية أن تحث الفلسطينيين بمختلف فصائلهم على نبذ العنف والتخلي عن المواقف المتشددة التي لا تنسجم مع حل الدولتين. وهو ما يعني حسب الصحيفة الإعلان بشكل صريح بأن الفلسطينيين يمكنهم العودة فقط إلى دولة فلسطينية، وليس إلى إسرائيل؛ إضافة إلى تدشين اتصالات رسمية بين الزعماء العرب والإسرائيليين. وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه إذا كان العرب يرغبون حقا في السلام وقلقين من إيران، فإن الوقت مناسب كي يتخذوا خطوات حقيقية على الجبهتين، وذلك عبر العمل مباشرة على نزع فتيل الحملة الإيرانية الرامية إلى إشعال المنطقة برمتها. نعم لمبادرة السلام العربية نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها ليوم السبت الماضي مقالاً لكاتبه الجنرال الإسرائيلي المتقاعد "يوسي بن"، دعا فيه إسرائيل إلى استئناف عملية السلام مع السوريين واللبنانيين والفلسطينيين بناء على المبادرة السعودية؛ حيث رأى أن الوقت موات للتخلي عن محاولات التوصل إلى اتفاقات منفصلة مع شركاء "يتم انتقاؤهم" على اعتبار أن النهج الذي نجح مع مصر والأردن بات، بالنظر إلى التطورات التي تشهدها المنطقة، غير قابل للتطبيق، مستخلصا أنه لم يعد ثمة من خيار سوى العودة إلى صيغة مدريد لعام 1991 التي تقوم على تشجيع اتفاق إقليمي وشامل في الشرق الأوسط. وأشار إلى أن الاتفاق الواضح والوحيد الذي كان محل إجماع جميع المشاركين في لقاء مدريد الأخير هو ضرورة العودة إلى صيغة شاملة تستند إلى المبادرة السعودية التي تبناها العرب في قمة الجامعة العربية عام 2002. ثم انتقل الكاتب بعد ذلك إلى تعداد مزايا وإيجابيات المبادرة بالنسبة لإسرائيل، وفي مقدمتها –يقول الكاتب- حقيقة أن المبادرة المذكورة تشكل مخطط السلام الأول والوحيد الذي تشارك فيه الدول العربية الاثنتين والعشرين مجتمعة، وهو ما يعني –يستنتج "بن"- احترام أي اتفاق يتم التوصل إليه من قبل هذه الدول، مضيفاً أن اتفاق سلام شامل، في حال تحققه، إنما يخدم المصالح الإسرائيلية على اعتبار أنه يمكن أن يشكل "حزاماً وقائياً سنياً معتدلاً" في ضوء "التهديد الإيراني الشيعي"، ليخلص إلى أن "ما يعد تحقيقه بشكل ثنائي حالياً أمراً مستحيلاً يمكن تحقيقه في إطار جماعي". "فرصة للتخلص من منصب الرئاسة" تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة "هآرتس" مقالا لكاتبه "ألوف بين"، دعا فيه إلى إلغاء منصب الرئاسة في ضوء التحقيق القضائي الجاري حالياً في التهم الموجهة إلى الرئيس الإسرائيلي الحالي "موشيه كتساف" بالضلوع في فضائح جنسية. غير أن الكاتب لفت إلى أنه حتى في حال استبدال "كاتساف بسياسي" آخر، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في مؤسسة "سطحية" أُنشأت في الأصل تكريماً لزعيم الحركة الصهيونية "حاييم ويزمان"، ولكنها سرعان ما أصبحت بمرور الوقت "مكتباً لتوظيف الساسة المحبَطين". "بين" أشار إلى أن الرئيس الحالي ينتظر أن يكون الثاني على التوالي الذي تنهى ولايته وسط "سحابة من الاشتباهات الجنائية"، مضيفاً أنه من الصعب استحضار إسهام عازار ويزمان وموشيه كتساف في الديمقراطية الإسرائيلية والحياة الرسمية حتى قبل أن تلاحقهما المشاكل. لينتقل بعد ذلك إلى طرح عدد من الأسئلة من قبيل: كيف ساهم منصب الرئاسة في خدمة الوحدة الوطنية ورأب الصدع داخل المجتمع الإسرائيلي؟ وهل كانت إقامة الرئيس مقصداً للأقليات والمجموعات المهمشة؟ ليذهب الكاتب إلى أن مشكلة الرئاسة تكمن في أنها تنطوي على أمر مربك ومحير، ذلك أنه في حال تحدث الرئيس وعبّر عن رأيه حيال أحد المواضيع، فمما لا شك فيه أن رأيه سيكون مثيراً للجدل وقد يُفسَّر على أنه تدخل في الحكومة المنتخَبة؛ أما في حال آثر التزام الصمت، فإن ذلك دليلاً على إمكانية الاستغناء عن دوره، ناهيك عن أن المنصب– يضيف "بين"- يكلف الخزينة العامة سنوياً 25 مليون شيكل. إعداد: محمد وقيف