معظم مقالات الكاتب محجوب عثمان التي أقرؤها في هذه الصفحات أعتقد أنها تحمل رسائل مبطَّنة وغير موضوعية ولا مُنصفة. ومن ذلك ما جاء في مقاله الأخير: "وحدة السودان في خطر"، المنشور في هذه الصفحة يوم السبت الماضي. فقد بدأ المقال بالإشارة إلى ظهور الخلاف بين طرفي الحكم في السودان، خاصة في ضوء الانتقادات العلنية التي وجهها رئيس "الحركة الشعبية" –التمرد سابقاً- للقيادة السودانية. وبعد ذلك تحول محجوب عثمان ودون مقدمات تذكر إلى تنصيب نفسه ناطقاً "غير رسمي طبعاً" باسم "الحركة" مدافعاً عن آرائها، ومتهجماً على الطرف الآخر، ساعياً فيما بعد إلى تحميله مسؤولية أي تهديد مستقبلي لوحدة السودان. والحقيقة أن كل هذا الكلام مغالطات في مغالطات طبعاً، فـ"الحركة الشعبية" ذات تاريخ عريق ومُسجل في تغذية النزعات الانفصالية في جنوب السودان، واتفاقية "نيفاشا" لم توقع عليها أصلاً إلا نتيجة العين الأميركية الحمراء. ومنذ اليوم الأول لعودة قادتها إلى الخرطوم وهم يختلقون الأعذار والأسباب للتنكر للاتفاقية، ويتهربون من تطبيق بنودها. وأما سعيهم نحو فصل الجنوب في الاستفتاء المقرر مستقبلاً فهم أنفسهم لا يخفونه، وقد باتوا يتصرفون في جوبا على هذا الأساس، ويناوشون بقية السودان على "الحدود" المستقبلية في "أبيي" وغيرها. وأعينهم في كل ذلك على النفط الذي سيستأثرون به، وليست على تعزيز فرص وحدة البلاد. هذه هي الحقيقة، التي لا تعني أيضاً أن الطرف الآخر لا يرتكب أخطاء، ولكن الموضوعية تقتضي ذكر أخطاء كل طرف، لا تنزيه الحركة من أخطائها، ومحاكمة نوايا الطرف الآخر مسبقاً. النعيم آدم - أبوظبي