الهجومان اللذان وقعا في باكستان الأسبوع الماضي، وكذلك الزيارة الرفيعة المستوى التي سجلتها نانسي بيلوسي إلى هناك، لفتت الأنظار إلى هذا البلد مجدداً. وإذا كانت أنظار واشنطن قد اتجهت مرة أخرى إلى إسلام أباد، فإن الولايات المتحدة قد فعلت ذلك بهدف مراجعة الوضع الحرج والمزعزع لباكستان، باعتبارها حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في حربها المعلنة على الإرهاب، في ذات الوقت الذي تعد فيه حاضنة لعدد كبير من المتطرفين الإسلاميين. وقد أدى هذا الوضع المزدوج إلى اتساع الصدع بين الكونجرس "الديمقراطي" المتشكك الآن إزاء نوايا ومواقف إسلام أباد من جهة، والبيت الأبيض الذي عول على تحالفه مع الحكومة الباكستانية في حربه المعلنة على الإرهاب، منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر وإلى اليوم. يذكر أن هجوماً انتحارياً نادر الحدوث من نوعه، فجر فيه أحدهم نفسه وضحية أخرى في فندق "ماريوت" في العاصمة إسلام أباد يوم الجمعة الماضي تلاه هجوم انتحاري آخر يوم السبت الماضي، تمكن فيه أحدهم من قتل 13 وإصابة 60 آخرين بجروح وإصابات متفاوتة الخطر. وفي استجابة لتنامي القلاقل الأمنية في باكستان، أعلن البيت الأبيض يوم السبت الماضي، اعتزامه البحث عن سبل تخصيص مبلغ 10.6 مليارات دولار إضافية أخرى للمساعدات المقدمة لأفغانستان خلال العامين المقبلين. وتعد هذه زيادة كبيرة في المخصصات المالية لأفغانستان، قياساً بمبلغ الـ 14.2 مليار دولار، التي أنفقتها واشنطن هناك منذ عام 2001. وبين هذا وذاك، زارت نانسي بيلوسي الرئيسة الجديدة لمجلس النواب الأميركي، إسلام أباد يوم السبت الماضي. وأشارت في اللقاءات والاجتماعات التي عقدتها مع المسؤولين الباكستانيين، إلى أن تغيراً في النبرة الأميركية إزاء باكستان، آخذ في طريقه من مجرد الشكوك إلى الاتهام الصريح العلني، من قبل الكونجرس الذي يقوده "الديمقراطيون" الآن، حسبما ورد على لسان المراقبين والمحللين. وفي ذلك ما يشير إلى صدع في الكيفية التي يجب أن تعامل بها الولايات المتحدة، واحدة من أقرب حلفائها وأكثرهم ثقة في حربها المعلنة على الإرهاب. وكان الضباب الكثيف قد ثار حول سياسات واشنطن إزاء إسلام أباد، خاصة على إثر تصاعد موجة العنف غير المسبوق في الجارة أفغانستان. ويقول المسؤولون الأميركيون إن العام الماضي وحده، شهد نحواً من 140 هجوماً انتحارياً في مختلف أنحاء أفغانستان، قياساً إلى 27 هجوماً مماثلاً فحسب، شهدها العام السابق له 2005. ويلقي هؤلاء المسؤولون بجزء من اللوم في هذا التصاعد، على صفقة الاتفاق الذي أبرمته إسلام أباد مع مقاتلي "طالبان"، التي تسكن منطقة القبائل الواقعة في الشريط الحدودي المشترك مع أفغانستان. يذكر أن زيارة بيلوسي هذه، تعد الزيارة الخارجية الأولى لها، منذ تسلمها منصب رئيسة مجلس النواب، وأنها تتضمن فترات توقف في كل من العراق وأفغانستان. وقد جاءت هذه الزيارة عقب مضي أسابيع فحسب، من صدور أحد التشريعات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ التشريع الأميركي. فقد أصدر الكونجرس تشريعاً جديداً يقضي بفرض قيود على المساعدات العسكرية المقدمة لإسلام أباد، في حال إخفاقها في بسط سيطرتها على مقاتلي "طالبان" المقيمين داخل حدودها. لكن إدارة بوش أعلنت اعتزامها معارضة التشريع الجديد، قبل أن يتحول إلى قانون، وأكدت رضاها عن الجهود التي تبذلها إسلام أباد في هذا الصدد. يذكر أن تشريع يناير المشار إليه، قد دعا رسمياً إلى "تطبيق توصيات قانون لجنة التحقيقات في هجمات 11/9" وهو القانون الذي لا يزال في انتظار الإجازة من قبل مجلس الشيوخ. ولا يزال يحتفظ الرئيس بوش، بتفويض كامل بإلغاء النصوص الخاصة بفرض العقوبات على باكستان فيه. على أن الانتقادات المثارة بشأن التشريع الجديد، تعد الأعلى صوتاً في الحوار القومي المحتدم، الذي يربط بين باكستان، وتنامي موجة العنف مؤخراً في أفغانستان. لكن وفيما لو تمت إجازة التشريع الجديد، فإن من شأنه إحداث تحول كبير في العلاقة ما بين واشنطن وإسلام أباد، وهي علاقة طالما أرساها المال، والمساعدات الكبيرة المقدمة لباكستان منذ 11/9 . يذكر أن باكستان قد تلقت عوناً يقدر بنحو 1.5 مليار دولار، كمساعدات أمنية مباشرة لها، إضافة إلى عدة مليارات أخرى، دعماً لجهودها في مكافحة الإرهاب، بما يعادل نحو 66 مليون دولار أميركي شهرياً. ــــــــــــــــــــــ مراسل صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" في إسلام أباد ـــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"