لم يكن الانفجار النووي الافتراضي الذي ظهر في أحد البرامج التلفزيونية على قناة "فوكس 24" كافياً لإثارة تساؤلات جديدة حول الخطر الذي يشكله الإسلام والمسلمون على أميركا، بل ساهم فقط في تكريس الأسئلة نفسها التي ما فتئ يطرحها الأميركيون منذ 11 سبتمبر 2001. فحسب استطلاعات الرأي يعتقد العديد من الأميركيين أن الإسلام دين يشجع على العنف، ويبدون شكوكاً كبيرة حيال الإسلام والمسلمين الذين يُعتقد أنهم يهددون أمن الولايات المتحدة. فهم من جهة يسمعون تنظيم "القاعدة" وهو يناشد المسلمين ويدعوهم إلى قتل الأميركيين، ويصغون من جهة أخرى إلى بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن العنف والولاء. هذا الواقع يثير العديد من الأسئلة في نفوس الأميركيين حول مدى خضوع المسلمين للخطاب المحرض على العنف والقتل، ومدى ولائهم لدولة علمانية يعيشون بين ظهرانيها مثل أميركا. ومع الأسف قادت تلك المخاوف إلى حالة من التمييز والكراهية ضد المسلمين الأبرياء من المواطنين الأميركيين. وفي هذا الإطار على المسلمين أن يتجاوزوا مجرد إدانة الإرهاب وتبني شعارات من قبيل "الإسلام يعني السلام"، لأنهم في حاجة ماسة إلى معالجة القضايا الحقيقية التي انبثقت إثر هجمات 11 سبتمبر والإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الأميركيون. فعلى سبيل المثال يتعين على المسلمين تنظيم ندوات دورية يقوم خلالها أكاديميون مسلمون مرموقون بتحليل بعض الآيات القرآنية تحليلاً مفصلاً وإجلاء الغموض عنها، والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بمدى ارتباط الإسلام بالعنف. وبالطبع كان هناك العديد من الجهود المعزولة وغير المنتظمة في هذا الاتجاه وقامت العديد من الجماعات الإسلامية الناشطة بإصدار مطبوعات وعقد اجتماعات توضح المعنى الحقيقي لبعض الآيات القرآنية التي كثر الجدل حولها، غير أنه قليلاً ما ساهمت تلك الجهود المتواضعة في نشر المعلومات وإطلاع الرأي العام الأميركي المتوجس على الخلاصة التي توصلوا إليها حول حقيقة الإسلام وابتعاده عن العنف. وبالإضافة إلى انخراط المسلمين في الإجابة عن تلك الأسئلة التي تؤرق الأميركيين من مختلف الديانات وتوضيح ما يتعين توضيحه عن الإسلام وكيفية تعامله مع الآخر، يتعين عليهم أيضاً المشاركة في الحوار الوطني الدائر حول أفضل السبل لحماية أميركا. فمنذ هجمات 11 سبتمبر 2001 والمسلمون يركزون على نحو شبه حصري على الحريات المدينة وخطر تآكلها بدل الاهتمام أيضاً بالقضايا الأمنية الجوهرية، بسبب استهداف القوانين الجديدة السالبة للحريات للمسلمين الأميركيين أكثر من غيرهم. وإذا كان من المهم صيانة الحريات المدنية للأميركيين المسلمين الذين لا يشكلون أي خطر على الأمن القومي الأميركي، إلا أنه على المسلمين أن يتذكروا أيضاً أن أية هجمات إرهابية قد تحدث في المستقبل ستؤدي إلى قتل الكثير الأميركيين ومن جميع الديانات، بمن فيهم المسلمون أنفسهم، ما سيقود إلى تأجيج المزيد من العداء والكراهية تجاه المسلمين، فضلاً عن تشديد القوانين الموجهة ضد الأميركيين من المسلمين. وحتى يستطيع المسلمون معالجة قلقهم المشروع إزاء الإجراءات الأمنية التي تتخذها الحكومة الفيدرالية تجاههم مثل التحديد الديني والعرقي للمسلمين، ومراقبة المساجد والجمعيات الخيرية الإسلامية، عليهم أن ينخرطوا في النقاش الوطني ويتقدموا باقتراحاتهم الخاصة حول أنجع السبل للحفاظ على أمن وسلامة الولايات المتحدة دونما حاجة إلى انتهاك الحريات المدنية للمسلمين. أما المسلمون الأميركيون الذين يعتقدون أن تلك الإجراءات الأمنية لا مبرر لها بسبب انتفاء أي تهديد إرهابي حقيقي ضد الولايات المتحدة فعليهم أن يوضحوا ذلك للرأي العام الأميركي. فمن المهم أن يدرك الأميركيون أن المسلمين لا يقفون ضد الإجراءات التي من شأنها توفير الحماية لهم ولأمنهم القومي. وهكذا يشكل انخراط المسلمين الأميركيين في جهود حماية أميركا. والإجابة عن الأسئلة المثارة حول الإسلام خطوة لابد منها للتقليص من العداء ضد المسلمين، والحد من تنامي الصور النمطية السلبية التي يحاطون بها. كامران ميمون رئيس جمعية "مسلمون من أجل أميركا آمنة" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"