بعد تولي "الديمقراطيين" نانسي بيلوسي و"هاري ريد"، قيادة كل من مجلسي النواب والشيوخ على التوالي، وإعلانهما عن ترحيبهما بالتعاون التام مع أقرانهما "الجمهوريين" في المجلسين، واصل الرئيس بوش، ترديد لحن التعاون الثنائي مع خصومه "الديمقراطيين". غير أن أول ما يختلف عليه "الديمقراطيون" و"الجمهوريون" هو كيفية إدارة الحرب في العراق. وهي معضلة ليست سهلة بأي حال. وإلى جانب المأزق العراقي، دعونا نأمل في لقاء وتعاون العقول "الديمقراطية" و"الجمهورية" معاً، في عدد من القضايا الداخلية الرئيسية المثارة الآن، مثل الضمان الاجتماعي، والهجرة غير الشرعية، وتنمية برامج الطاقة البديلة، وغيرها من قضايا. وبالنظر إلى تقاليد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تستبق فيها الحملات الانتخابية، الموعد الرسمي لإجراء الانتخابات، بـ18 شهراً، فإن نبرة التفاؤل الطاغية على الأجواء السياسية الآن، خاصة فيما يتعلق برغبة التعاون الثنائي الحزبي، تكشف نوايا كلا الطرفين. وبما أن حاكم ولاية ماساشوستس، "ميت رومني" قد اتخذ موقفاً "يمينياً" في أوساط الحزب "الجمهوري"، في منافسته لـ"جون ماكين"، المرشح الحالي، مقابل الموقف "اليساري" الذي اتخذه السيناتور والمرشح "الديمقراطي" السابق "جون إدواردز"، من المرشحة "الديمقراطية"، السيناتور هيلاري كلينتون، فإن هذا التغير في المواقف، سيضع المزيد من العقبات والمصاعب أمام "آل جور"، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز، في الوقت الذي يمتطي فيه المرشح "الديمقراطي" الآخر باراك أوباما، صهوة الدعاية الإعلامية، بكل ما يثيره ذلك من قلق المنافسين "الديمقراطيين" الآخرين. على أن ذلك القلق، لا ينفي حقيقة أن "أوباما" لم يثبت بعد، كونه يشكل مهدداً جدياً لمنافسيه الآخرين. وبعيداً عن حمى الانتخابات، فلنعد مرة أخرى إلى ساحة التغيرات في إدارة الحرب العراقية، لاسيما في جانبها القيادي العسكري. وكما نلاحظ فقد تم استبعاد كل من الجنرال "جون أبي زيد"، قائد القيادة المركزية، وزميله الجنرال "جورج كيسي"، القائد العسكري الأعلى في العراق، من أدوارهما الرئيسية هناك. وعلى رغم أن هذا التغيير الذي طرأ، ليس بالأمر غير المألوف في تغيير القيادات العسكرية، فإن هناك من فسره على أنه تمهيد لتربة تغيير اتجاه السياسات التي انتهجها بوش، منذ اندلاع تلك الحرب. وقد حل الجنرال "ديفيد بتريوس"، محل الجنرال "كيسي"، مع العلم بأن الأول معلم حربي سابق مشهود له بالكفاءة في قاعدة "ويست بوينت"، فضلاً عن قيادته لفريق 101 الجوي، وأدائه لعدة مهام عسكرية ناجحة في العراق من قبل. أما الجنرال "أبي زيد"، فتم استبداله بزميله "ويليام فالون"، رئيس قيادة وحدة المحيط الهادئ. ولعل الهزة الأكبر والأشد عنفاً في صفوف إدارة بوش، هي تلك التي ضربت طاقمه الدبلوماسي. وأهم مظهر لهذا التغيير، هو تولي "جون نيجروبونتي" -مدير المخابرات القومية - منصب نائب وزير الخارجية. وبحكم كونه دبلوماسياً ضليعاً وراسخ الخبرة، فإن المتوقع له أن يؤدي مهامه في منصبه الجديد، أحسن ما يكون الأداء. وربما تولى نيجروبونتي منصبه هذا عن رضا وحماس، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة أنه "خُفض وظيفياً" من منصبه الوزاري السابق. وأكثر من ذلك، فإن مهام نائب الوزير، عادة ما تقتصر على الجانب الداخلي المحلي، في حين يتصدر الوزير عناوين الصحف والنشرات الفضائية في المهام والرحلات الخارجية. وينطبق هذا بشكل خاص، على شخصية وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، بكل ما عرفت به من كاريزمية دبلوماسية، إضافة إلى كونها تتجه في رحلاتها المكوكية هذه، إلى مختلف أنحاء العالم، بموافقة وثقة الرئيس بوش فيها. وعلى رغم أنه حدث من قبل في تاريخ الدبلوماسية الأميركية، أن تمت ترقية الشخصية الثانية في الوزارة، لتحل محل الشخصية الأولى، خاصة في سابقة ترقية "لورانس إيجلبيرجر"، استناداً على حنكته وخبرته الدبلوماسية غير المطعون فيها، إلا أنه يظل غير وارد أن تتكرر تلك السابقة في حالة "نيجروبونتي"، نظراً لتواضع خبرته. جون هيوز مساعد وزير الخارجية الأميركية في إدارة الرئيس ريجان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"