بعد الحرب الداخلية المريرة التي عرفتها يوغسلافيا السابقة، وانتهت إلى تفتيتها تباعاً في سلسلة انقسامية كان آخر حلقاتها انفصال جمهورية الجبل الأسود العام الماضي، يتضح أن ما كان بمثابة القاعدة الصلبة ليوغسلافيا السابقة، أي جمهورية صربيا الحالية، غير قابل هو أيضاً للاستمرار. فتجربة الحرب الأهلية خلال تسعينيات القرن الماضي، والتي لم تندمل جروحها بعد، تركت إرثاً ثقيلاً من الكراهية المتبادلة بين الصرب والألبان المسلمين في إقليم كوسوفو، لذلك يتعذر على هذا الأخير أن يظل جزءاً من صربيا. وقد ألقت نتائج الانتخابات التشريعية الصربية الأخيرة بظلالها الكئيبة على مستقبل التعايش بين الصرب والألبان، إذ ينظر إلى الفوز الذي حققه القوميون الصرب المتطرفون، على أن من شأنه أن يقلب المعادلة في بلغراد ويغير موقفها المتعهد سابقاً باحترام الصيغة التي تختارها الأمم المتحدة في سبيل منح سكان إقليم كوسوفو حق تقرير المصير؛ ذلك أن هذا الفوز قد يغري المتطرفين الصرب باللجوء إلى استخدام القوة من أجل إعادة إخضاع الإقليم الذي تقطنه غالبية ألبانية مسلمة (98% من السكان)! التنافر الشديد، والذي لم يعد قابلاً للمعالجة بين الصرب والألبان، حقيقة أدركها الاتحاد الأوروبي الذي دعا إلى تسريع خطوات استقلال كوسوفو، ليس بهدف تقسيم صربيا وإضافة دولة أخرى إلى العدد الإجمالي لدول أوروبا، وإنما حرصاً على تحقيق الاستقرار في هذا الجيب المتوتر بنار الصراع العرقي فيه! عدنان سعد - دبي