كانت دولة الإمارات-ولا زالت- الأكثر إيماناً بالقضية الفلسطينية والهمّ الفلسطيني، وكانت-ولا زالت- ذات مواقف مشرفة ومشرقة في تفعيلها لهذا الإيمان وهذا الاهتمام. وكانت سياستها-ولا زالت- تحرص كل الحرص على التعاطي مع فلسطين كهمٍٍ أول وأخير، ويقع ضمن أولويات أجندتها العربية، وربما كانت أكثر الدول العربية مساهمة في مداواة الجرح الفلسطيني الذي ينز مرارة وغضباً منذ عقود. هذه المقدمة جاءت حرصاً على تبيان موقف الدولة وشعبها، وتوضيح أن ثمة خطأ كان غير مقصود بالتأكيد، ربما وقع فيه البعض. فقد حدث أن قامت إحدى الوزارات بالدولة، وأهدت بمناسبة العام الميلادي أجندة للعام الجديد، وكان على مغلفها صورة لخريطة العالم، وكانت الخريطة، ونتيجة لخطأ غير مقصود، تضم اسم إسرائيل بدلاً من فلسطين. وافتراضاً لحسن النوايا، فإن المنفذ لهذا التقويم السنوي شركة أجنبية على الرغم من كون الدولة ملأى بالشركات الوطنية والفنانين المواطنين الذين لهم حسهم الفني العالي، والذين كان بالإمكان أن يخرجوا عملاً أكثر جمالاً من أي شركة أو فنان آخر، والذين لن يفوتوا مثل هذه الفرصة ليضعوا اسم فلسطين مضيئاً كما هو دائماً في قلوب أهل الإمارات وقيادتها. ثم، كيف يمكن أن يمر مثل هذا الخطأ؟ ألم يكن هناك من يراجع خلف هذه التفاصيل المهمة ليتفادى هذا الخطأ غير المقصود؟! ولماذا من الأساس، نلجأ لشركات أجنبية، والبديل المواطن متوفر وبأقل أسعار وأكثر جودة دون أدنى شك ودون كثير مبالغة؟! بعض التجاوزات تحدث تحت أعيننا من وزارات عدة، تتعامل غالبيتها مع شركات أجنبية لتطوير أعمالها دون أن نرى شيئاً ملموساً لهذا التطوير وهذا الضخ المالي الذي ينساب للأجانب ويتعكر صفوه عندما يصب في خانة العلاوة والمكافآت لأبناء الدولة من الموظفين. ونعود لفلسطين، الحلم الجميل الذي علمنا إياه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، و على النهج ذاته يسير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة- حفظه الله- والذي نجده دائماً معانقاً لهذه القضية التي لا تفتأ تقض مضجع اطمئناننا. هو أمر خطير حين نتنازل- بخطأ غير مقصود- عن اسم له دلالته وفعل يعني انعكاساً لقناعة مغلوطة لا نقبلها بأي شكل من الأشكال. فإسرائيل وحلفاؤها يضخون سنوياً مئات الملايين بحثاً عن خريطة تزج باسمها عليها لتجعل من وجودها شرعياً أمام العالم، وعلينا أن نتمسك بمعقل أخير أمام هذا الزحف الاستيطاني المروّع المستهدف لعقولنا وقناعاتنا. هي فلسطين... رغم الخطأ غير المقصود بكل تأكيد.